مفهوم الصوت في الفيلم الصامت

القسم الاول

 

ارتبطت السينما ومنفذ بداياتها الاولى بعجلة التقدم والاختراع العلمي
والتي قادت بالضروره الى الاستفاده من النماذج العلمية المعروفة وهي :

العرض الثابت

تحليل الحركة برسوم متتابعة

التصوير الفوتوغرافي

ان دمج هذه المنجزات العلمية مع بعضها ولاده السينما التي استطاعت استثمارها اي
استثمار هذه النتاجات العلمية الثلاث وتوظيفها من خلال ابراز القيم الفنية والجمالية ,
وهي قيم بالغه الدقه والتعبير عن حياة الانسان من خلال التحليل والاكتشاف لكل
مايختلج بداخله والتعرض لمشاكل العصر,واصبحت السينما وسيلة اتصال جماهيريه
مهمه بما لها من طرائق ووسائل الجذب والتاثير والاقناع اضافه لكونها وسيله
تعبير جمالية بامتياز , الحديث يطول حول هذه الامور التي نحن لسنا بصددها ..
بقدر مانسعى لان نضع هذه الامور في تصورنا ونحن نتحدث عن موضوعنا ..
لقد كانت محاولات ان تنطق السينما قد راودت الكثير من المخترعين
(الصورة والصوت ) والذي تستكمل بذلك السينما جوانبها الفنية ..
وكما هو معروف فان الافلام الناطقه ارتبطت بتاريخ عام 1927
ولكن كانت هنالك محاولات في انتاج افلام ناطقة قبل عام 1927
ويشير (ارنست لندجرن ) في كتابة (فن الفليم) ( بل ان الصوت في
الواقع اقدم من ذلك اذ ان اديسون اكتشف اولا في عام 1877 كيفية
تسجيل الصوت ثم اذاعته من جديد بواسطة الفونغراف ,وقد كان نجاح الفونغراف
هو الذي اوحى اليه بفكره اضافة الصوره متحركه الى الصوت فاخترع الكينوسكوب
في عام 1891 وهي اله عرض من خلال ثقوب يمكن بواسطتها عرض الصور المتحركه
على شخص واحد في وقت واحد وامكن بعد ذلك الجمع بين الكينوسكوب
والفونغراف لصنع الكيتوفون) وفي 6 اكتوبر من عام 1927 قدمت شركة
(الاخوان وارنر) اول فيلم يضم حوارا ناطقا وهو فيلم (مغني الجاز) وقد
كان هذا الفيلم اشاره البدء بولاده السينما الناطقه وانتهاء عصر الفيلم الصامت 

الى هنا وبعد العرض السريع والبسيط لاتوجد مشكلة في تحديد بداية الفيلم الصامت والفيلم الناطق 
لكننا سنجد اراء اخرى مختافة عما اوردناه, هذه الاراء تقول بعدم وجود الفيلم الصامت اصلا

وليس هناك تقسيمات لما يمكن ان نسميها اراء السينما الصامته والسينما الناطقه, هذه الاراء
تدعي بان الصوت وجد في الفيلم منذ ولادته ولاوجود للفيلم الصامت من خلال قولهم
ان الفيلم عندما كان يعرض بمصاحبة قطع موسيقيه يعزفها عازف او فرقة حيث يشير
(ارثر نايت) في كتابه (قصة السينما العالم من فيلم الصامت او المسارح
الاستعراضبة كان هنالك نوع من الصوت يصاحبهافقد كان هنالك عازف اوفرقه
موسيقية او اسطوانات تقدم قطعا موسيقية تناسب المشاهد المروضة على الشاشة
, وكانت لهذه الموسيقى المصاحبه للفيلم وظيفتان الاولى تهيئه موسيقى مناسبة لمشاهد
الفيلم والثانية هي تغطية الاصوات الصادره من اجهزه العرض ومن المقاعد
ومن المتفرجين انفسهم)

ويشترك في الراي مع (ارثر نايت) (لوي دي جانيتي) في كتابه (فهم السينما فيقول
( في الواقع لم يكن هنالك فيلم صامت ,اذا ان كل الافلام تقريبا قبل عام 1927
كانت تصاحب بنوع من الموسيقى ففي مسارح المدن الكبرى , كانت فرقه كامله
للاوركسترا تهيء الجو اللازم كخلفية للمرئيات )

الواقع ان الرايين افتراضا وجود الصوت في الفيلم الصامت من
خلال الاستخدام الوظيفي لعزف الموسيقى وتهيئة جو العرض وهو
بالتالي لايعطينا مبررا مقنعا لافتراض وجود صوت في الفيلم الصامت
لكون هذا العزف لايكون بالضروره متوافقا مع الحالة الدرامية- الا ما كان
مؤلف خصيصا للفيلم ولغرض عزفه اثناء عرض الفيلم – كما حدث
في فيلم (مولد امة) للمخرج الامريكي (جريفت) وبالرغم من عدم الحصول
على القطعة الموسيقية او الاسطوانة السجل عليها الموسيقى ولغرض مقارنتها
مع الموسيقى المسجلة على الفيلم حاليا والتي ربما تكون غيرها التي كانت
تعزف بشكل مباشر وامام الجمهور اي اثناء العرض فالاعتقاد هنا انها ربما تكون
محصوره باطار الجو العام للفيلم , اي ان عدم معرفة نوع الموسيقى لجعلنا نرجح
احتمال انها كانت محصوره باطار الجو العام للفيلم ويؤكد (ارنست لندجرن )
هذه القضية فيقول (عندما عرضت افلام لوميير لاول مره في انكلترا في عام 1996
كان يصاحبها عزف لانغام شائعة على البيانو وفي البداية لم تكن هناك صله
مابين الموسيقى التي تعزف والافلام التي تعرض وكان يلتقي بان تصحب العرض
موسيقى من اي نوع كان الا انه لم يكد يمضي وقت قصي حتى بدا انه لايمكن ان
ينسجم عزف موسيقى حيه صاخبه مع فيلم هادئ رزين ومن هنا بدا عازفوا
البيانو يهتمون باختيار المقطوعات الموسيقية المناسبة لجو الفيلم) اما (مارسيل مارتن)
فيشير في كتابة (اللغه السينمائية) الى مساله استخدام الموسيقى المؤلفه خصيصا للفيلم
الناطق فيقول ( الموسيقى هي ابرز هديه للسينما الناطقه وليس معنى ذلك انه لم تكتب
معزوفات موسيقيه لافلام صامته ولكن هذه كانت موسيقى مكتوبه لمصاحبه الافلام
لاموسيقى فلميه بالمعنى الدقيق للكلمة نظرا لان مبدا التزامن بين الصوره والصوت
لم يكن قد تحقق من الناحيه الفنيه ولامسلما به من الناحيه الجمالية وذلك فضلا عن
ان هذه المعزوفات التي كتبت خصيصا لافلام تعتبراستثنائيه) هذا من جانب ومن جانب
اخر فان القطع الموسيقيةوالعازفين الذين كانوا يصاحبون عرض الفيلم بمعزوفاتهم
الموسيقية هي بالتالي لاتعطينا انطباعا بوجود الصوت في الفيلم كونه يزيد من احتمال
مبدا عدم واقعيه الوهم في الفيلم على اعتبار انها فن ايهام والعازفين هم في الواقع
المعاش (الواقع الفيزيائي ) مثلما هو المتفرج في نفس الواقع الفيزيائي –الواقع
المادي –فالموسيقى التي كان يعزفها العازف الذي يراه المشاهدون امامهم بشكلة
الحقيقي الملموس سوف يؤدي حتما الى قطع حاله الوهم ,وبهذا يحطم جانبا مهما
من جوانب او اركان السينما باعتبارها فنا يقوم على الوهم وقد يكون مكان او
موقع عازف البيانو مضاءا باضاءه خفيفة ولغرض ان يخلق لنا احساسا باندماجه
مع ظلام قاعه العرض لكي لايؤثر وجوده على قطع حاله الإيهام وسلسله المتابعة
 والتركيز لدى المشاهد ولكن لو نظرنا للمساله من زاويه اخرى فانه من المؤكد
أن الضوء الذي ينعكس من الشاشه على العازف الذي يكون موقعه قريب من شاشه العرض
سوف يظهر ملامحه وحركاته ويشغل بهذا المشاهدين القربين منه في القاعة وبشكل
اقل من الجالسين في اخر القاعة, والذي
يحدث هنا ان هذا العازف او العزف
الموسيقي سيقلل من عدم واقعية الوهم الذي تفترضه السينما ولنضرب مثلا اخر
وهو انه في حاله استخدام قطعه موسيقيه على اسطوانه ويحدث انها بدات تكرر
نفس النغمه نتيجة لخلل فيها فما الذي يحدث ؟ ان الذي يحدث هو انها تحدث
نوعا من السخرية والضحك من قبل المشاهدين وبالتالي فانها اي الاسطونه
ستساهم بشكل فعال في قطع حاله المتابعه والتركيز وعدم واقعيه الوهم ,

وهذا جانب مهم في الرد على الافتراض الذي يقول ان العزف الموسيقي  نوع
من انواع الصوت في الفيلم الصامت  وبالتالي فانه يكون غير معبر عن
الحالة الدرامية اذا اخذنا بنظر الاعتبار وجود الممثل في الفيلم الصامت والذي
يستعين بشكل كامل بادواته للتعبير من الكلمه المنطوقه حتما سيبرر عدم
دقة الافتراض في اعتبار الموسيقى نوعا من انواع الصوت في الفيلم الصامت
, اضف الى ذالك ان الصوت المرافق كان غالبا مايكون قطعه موسيقيه ولاوجود
للمؤاثرات الصوتيه الاخرى يمكننا ان نقول ان الافلام السينمائيه الصامته كانت
تقدم بمرافقه وعزف قطع موسيقيه لتهيئة الجو العام للعرض السينمائي  ولم
يكن الفيلم فيه شيء من النطق لكون هنا الصوت هنا صوتا خارجيا اي انه نابع
من مصدر خارج الفيلم وبهذا يعطي انطباعا لدى المشاهد بصمت الفيلم بشكل
كامل لكونه يدرك الساساان الفلم صامت وما الموسيقى المصاحب لهاحاله
مفترضه من خارجه  وهكذا فانه سيبقى يدرك في داخله ان الفيلم الصامت
اضافة الى مسال هان العازفين قد يشتتوا انتباه وتركيز المشاهد وقطع
سلسله المتابعه الصوريه وهذا ما اكد( ارنست لندرجرن) فيقول

(ان الصوت كثيرا مايجعلنا نلتفت باعيننا نحو المصدر الذي اتى منه
بحيث نعي الصوت ومصدره معا) ومن الممكن ان تؤدي المزوفه الموسيقيه
المصاحبه للفيلم الى حاله من التذوق التي تبعد المشاهد عن رؤيته للفيلم من
خلال خلق حاله من الانسجام بينه وبين القطعه الموسيقية , وقد يحدث
ان المشاهد يغمض عينيه مثلا ويسترخي لسماح الموسيقى , وبهذا يتشتت انتباه المشاهد
, وقد يحدث انه يرى صوره ذهنيه غير الصوره المعروضه امامه والتي تتكون
لديه من خلال القطعه الموسيقيه ,ويؤكد هذه الحقيقة كل من(مارسيل مارتن)
و(ارنست لندرجرن) فيقول(مارسيل مارتن) حول هذه النقطه بالذات (الموسيقى
اذن عنصر نوعي في فن الفيلم ولا غرابه في ان تلعب دورا بالغ اهميه
وقد يكون في بعض الاحيان ضارا فيصير الاحساس موسيقيا الى
درجه ان الصوره وعندما تصاحبها الموسيقى فعلا تستخلص من هذه الموسيقى


حقا خير مافيها من تعبير او بالاحرى من ايحاء يوجد خطر حقييقي من ان تحل
الموسيقى محل الصوره وبالتالي تضععفها ويقول (ارنست لندرجرن) حول هذه القضية
(تجتذب موسيقى الافلام الانتباه في غير موضعه اذا كانت هذه الموسيقى
جيده جدا او اذا تضمنت الحانا غنائية قويه واضحه المعالم
وفي هذه الحاله الاخيره ينجذب اهتمام المتفرج الى اللحن
الغنائي وينصت لاشعوريا ليتابع عزف ذلك اللحن حتى نهايته,
واستخدام الموسيقى الشائعه كثيرا ما يكون باعثا على السرحان .كما
ان لها ضررا اخر اذا انها تكون عادة مرتبطه في ذهن المتفرج
بذكريات خاصه قد تتضارب تمام مع المشاهد التي يريد المخرج
ان يخلقها في الفيلم ) وهنا نفقد شروط التابعه والتركيز خلقها اثناء
عرض الفيلم ويكون السبب في ذلك ان المشاهد يوزع تركيزه وانتباه
على الصوره والصوت من خلال العازف , وخير مثال على ذلك اننا لو
افترضنا ان هذا العازف عزف القطعة الموسيقية – عزفا نشزا- فانه
سيخلق لنا حاله اللاتركيز والللانتباه التي يفترضا جو العرض السينائي فاللقطات
هي مفروضة مشترطة كما حددها المخرج وقد ينفعل العازف اثناء
العزف فتضيع لحظة من المتفلرج لمتابعة الصوره ويتشتت ذهنه لهذاالانفعال المفاجئ
الذي حدث لدى العازف واندماجه في عزف القطعة الموسيقية
وقد يكون مكان العازف اما وسط قاعة العرض او على احد
الجانبين سببا مهما في تحول نظر المشاهدين وبهذا فيفقد المشاهد
متابعة للعرض الصوري على الشاشة وبالتالي فانه سيقع فريسه
للانتقال ببصره من الصوره الى العازف وبهذا يفقد درجه كبيره
من المتابعه الصوريه وهنا تصبح الموسيقى ذات استخدام سلبي
في تحجيم المتابعة الصورية
وحول هذه النقطه يؤكد(ارنست لندرجرن) فيقول (وفي حاله العينين
نحول اهتمامنا من شيء الى شيء اخر بان ننظر مره الى مكان قريب
ومره الى مكان بعيد ثم في ذاك الاتجاه وبمجرد النظر الى شيء مايحول
دون امكانيه النظر الى شيء اخر ليس من الناحيه الفكريه فقط بل من الناحية العضوية ايضا)

و اشير الى نقطة مهمه هي اننا لوعدنا الى بدايات السينما الصامته
فاننا سنعرف ان اللقطة كانت غالبا عامه وتتحرك في داخلها الاشياء
وهي تقترب كثيرا من مفهوم فتحه المسرح ففي هذا النمط من
الافلام وعندما كانت تصاحبها قطعة موسيقية يعزفها عازف على
بيانو او فرقة موسيقية فانها تخلق لنا انطباعا مسرحيا وكما يبدو
فان السينما في بدايتها الاولى كانت عروضها كما يبدو في قاعات
المسارح الفكاهيه والاستعراضيه , ومن هنا فان استخدام الموسيقى
المصاحبه للفيلم جاءت بطريقه عرضيه نتيجه لارتباط هذا الفهم بالمسرح
عندما كان هنالك عازفون في الفيلم الصامت ولكن عندم تكورت عناصر
التعبير السينمائي وبدات الكاميرا بالحركة وتطور تقطيع اللقطات فانه من
المؤكد ان العازف الموسيقي سيجد صعوبة بالغة في مرافقته الصوره
لسرعه الانتقال من لقطه الى لقطه اخرى وهذا يدفعنا للقول ان
هذه القطعه الموسيقية لم تكن تعدو كونها تعبيرا عاما عن جو
العرض السينمائي واني لاتسائل مالذي يحدث لو ان الفيلم واثناء
عرضه تعرض للقطع فما هو دور عازف البيانو في هذه الحاله؟
هل يتوقف عن الفرق ام انه انه يستمر بالعزف ،
ان الاجابه هنا تقبل احتماليين

الاول:- هو انه سيستمر بالعزف لغرض عدم حدوث الملل والضجر من قبل المشاهدين

الثاني :-هو هل ان هذا العازف يستطيع بعد الاصلاح قطع الفيلم
ان يواكب العرض الصوري بنفس الروحيه التعبيرية من خلال موسيقاه
قبل القطع المنفذ صعوبه هذه الناحيه, وهذا يدفعنا الى ان نقول ان الموسيقى
او العزف الموسيقي المرافق للفيلم الصامت لايمكن اعتباره صوت موجود في
الفيلم ويمكننا ان ان نفرض حاله اخرى وهي انه وفي اثناء عرض الفيلم
وحدث ان البيانو حدث فيه خلل مانهل يتوقف عرض الفيلم ؟ الجواب ان
أستمر عرض الفيلم كما هو لكونه اساسا مصمم فيلما صامتا اذن فان العزف

الموسيقى ليس بالضرورة يمكن ان نقول عنه صوت في الفيلم الصامت لعدم دقه الموضوع


نهاية القسم الاول

 

 


Comments are disabled.