نحن اليوم نعيش الالفية الثالثة حيث التقدم العلمي والتسارع التكنولوجي الذي شمل جميع دول العالم، والذي يمهد للمرحلة القادمة من حياة البشرية/ ستكون لها تاثيرات اقتصادية وسياسية واجتماعية بعيدة المدى من كافة مجالات الحياة، ولاسيما التصميم الصناعي “تصميم المنتجات الصناعية”. وان فعل التصميم هو من اجل تغيير العالم والمصممين يرغبون بعالم جديد وتغيره وتحويله الى عالم افضل.

فالمصمم هدفه جعل المنتجات افضل واسهل استخدام مع اعلى قيمة جمالية من اجل جعل الحياة اكثر رفاهية تلبي كل احتياجات الحياة الانسانية، كيف يمكن ان نحقق فكرة العالم الافضل من خلال المنتج الصناعي؟

في البدايات الاولى للتصميم الصناعي كان هناك اكثر من تيار حول ركيزتين اساسيتين في تصميم المنتج الصناعي هما (الهيئة والوظيفة) ولكن كيف؟ ولمن الاسبقية هذا ما جعل كثير من التيارات والحركات التصميمية  التي ظهرت والتي ستظهر في ضوء التطور الحضاري وفي ظل التقدم العلمي والتكنولوجي.

لذا فالانعكاسات على التصميم قد ابتعدت عن فكرة ان الغرض من التصميم هو لجعل المنتجات اكثر وظائفية ووفقا لهذا المفهوم بان تكون الحياة الانسانية والعالم اكثر عمليا واسهل في الاستخدام لتحقيق اهداف معينة. في جانب اخر بما يتعلق بجانب الهيئة، فان فكرة ان الغرض من التصميم هو فقط جعل المنتجات اكثر جمالا من خلال هيئاتها ويصبح العالم اكثر تالقا وجمالا لاجل ان نحيا فيه بدات ايضا تاخذنا بالابتعاد عن ذهن المصمم وبشكل معاكس فان التاكيد كان على الاغلب منصبا على ان التصميم له مهمة تحسين المنتج من خلال هيئته بدءاً من  Bruno Munari عام 1971 والى المصممون المعاصرون وهذا يؤكد انه يجب ان يكون اهتمام المصممين ينصب على كلا العنصرين (الهيئة، الوظيفة) وبايجاد حلول جمالية لمشاكل وظيفية.

ولكن العديد من المصممين بدا يرغبون في ايجاد وتطوير مفاهيم جديدة يستطيعون من خلالها وصف وتحليل الفعاليات التصميمية ووضع بصماتهم على العديد من علم المصطلحات وواحدا من اهم المصطلحات التي استخدمت هو مصطلح “الاتصال” وان المصممين يعتبرون منفذين اتصال من خلال افكارهم التصميمية ليؤكدوا ان المنتج الصناعي قادر على الاتصال والتواصل في حدود معينة وهذا الاتصال يتم من خلال هيئته او وظيفته الخاصة.

وبما ان المصمم، هو انسان يمتلك صفة الابداع والفكر الثابت لذا فالمصمم هو مبدع، وذلك من خلال ابتكار منتجات ذات هيئات جديدة بتركيب وانشاء تكوينات وخامات وبطرق واساليب مبتكرة. فالمصممون يطورون تغير شكل المنتجات لغرض تزين ولكن في ذات الوقت هي امكانية اعطاء المنتجات هيئات مناسبة جدا لوظائفها، وبهذا المعنى فان العملية التصميمية تتميز بمنح المنتج هيئة لا تحد بل بالعكس تساعد على تحسين الاداء والمهام المنوطة به، ووفق مبدا الهيئة تتبع الوظيفة ولكن كما ذكرنا اصبح هناك مفهوم وراي اخر للمصممون فهناك الكثير من المصممين الذين لم يكتفوا بالقول السائد في تلك الفترة، بان التصميم هو ابتكار هيئات متناغمة مع وظائفية المنتجات بل كيفية ابتكار هيئات لها قدرة الاتصالية لوظائفها مع المستخدم فان التصميم الاكثر نجاحا هو ذلك التصميم الذي يستطيع ان يعبر عن وظائفية ويتكلم عن نفسه دون الرجوع الى كتب التعليمات كذلك ان هيئة المنتج تمكن ايضا ان تخبرنا عن وظيفته وكيفية استخدامه.

ويشير Donald الى ان المنتجات الصناعية المصممة بشكل جيد تكون سهلة التعامل معها وفهمها، فهي تحوي دلالات واضحة للعمليات التشغيلية والاستتخدامية الخاصة بها. اما المنتجات ذات التصميم الغير جيد او ذات التصاميم السيئة، تكون صعب التعامل والتفاعل معها، وبالتالي تكون تجربة محيطة في الاستخدام فهي تلك التصاميم (تصاميم المنتجات) التي لا تقدم دلالات واضحة عن العمليات الاستخدامية او كيفية تشغيلها واحيانا تكون هذه الدلالات خاطئة ولا تمثل بشكل صحيح واجهات الاستخدام الوظيفي الفعلي للمنتج.                 

ان هذه النوعيات من تصاميم المنتجات غير الجيدة، تزعج المستخدم وتعرقل الفعل الطبيعي للعملية الانجازية المفروضة للتفاعل والفهم. لذلك فان مهمة المصمم الجيد تكمن في تقديم تصميم هيئات تحوي على جميع الدلالات الضرورية المطلوبة التي يحتاجها المستخدم ليفهمها بشكل طبيعي، او بمعنى اخر ليفهم كيفية استخدامها وتشغيلها، من غير الحاجة الى اجراء الاختبارات او التجارب عليها او المحاولات في كيفية استخدامها او الرجوع الى كتب التعليمات.

ان هذه الفكرة لها الكثير من البديهيات واولها على سبيل المثال هو المبدا الذي ينص على ان عدد المفاتيح ووحدات السيطرة (الازرار) وواجهات الاستلام الوظيفي في هيئات المنتجات، يجب ان تكون متوافقة في استجابتها لعدد الوظائف المتخيلة لها لكي تكون جميع الوظائف المحتملة واضحة ومفهومة وبالتالي مستلمة من قبل المستخدم.

اما المبدا الثاني هو مصطلح “الاستخدامية” والذي اصبح شعارا في تصميم المنتجات منذ ان نظر له (Jakopo Nielsen ) , منذ ان كانت الاستخدامية تعني درجة السهولة والرضى، فمثلا التفاعل الطبيعي والذي غالبا ما يحتل مكانة بين الانسان والاجهزة والمنتجات ذات المستويات التكنولوجية المتقدمة لذلك في هذه الحالة المصممون الجيدون يصممون المنتجات بشكل يسمح لوظائفها بالتواصل والاتصال وكيف يمكن تفعيلها ووظيفتها.

وتتمثل الاستخدامية بكونها “مستوى النوعية التي تتحدد من خلالها الكيفية لسهولة الاستخدام بين المستخدم ومناطق الاتصال بين المنتجات والانظمة”.( 24, net )

في الاستخدامية الهندسية يعرف Jokob Nilson الاستخدامية بخمسة اجزاء مترابطة:

  1. التعلم: أي ان تكون سهلة التعلم.
  2. كفاءة الاداء: السرعة التي يستطيع من خلالها المستخدم انجاز المهام.
  3. التذكر: التعامل مع المنتج يكون سهل التذكر.
  4. الاخطاء: القليل من الاخطاء اثناء الاستخدام، او على الاقل ان لا تكون الاخطاء كبيرة.
  5. الرضا الموضوعي: المتعة في الاستخدام.

حيث ان سهولة الاستخدام وضحت بشكل اكبر واوسع في الابعاد الخمسة التي ذكرناها لتعريف Nilson وكذلك الحال لتعريف Deberah Maghew اذ تذكر ان الاستخدامية هي مقياس مميز لطبيعة تفاعل المستخدم مع المنتجات والذي من الممكن ان تقدم بدرجة عالية او منخفضة احد الابعاد المهمة للاستخدامية هو “ما هي درجة السهولة لتعليم المستخدم كيفية التعامل مع المنتج” وهي للمستخدم المبتديء او العادي والجانب الاخر هو كيف هي سهولة الاستخدام والكفاءة، المرونة، القوة. وهنا طبيعة الاستخدام هي للمستخدم المحترف في مجال التعامل مع المنتج بعد ان تعلم كلاهما الخطوط الرئيسية لطريقة التعامل مع المنتج.          

وعندما يعتاد الناس على امتلاك منتجات تؤدي مهام وظيفية وبكفاءة جيدة، ومناسبة لتوقعاتهم فانهم بعد ذلك يطالبون بان تكون هذه المنتجات سهلة الاستخدام. نستنتج من ذلك بان هذه الحالة تصور لنا (لحالة في اللحظة) في أي حقل تصميمي، بان المستخدم الذي اعتاد على امتلاك منتجات ذات وظائف جيدة، بان يتوقع ويجد منتجات سهلة الاستخدام، ان امتلاك الوظائفية المناسبة تمثل شرطا لازما للاستخدامية المناسبة ايضا.

ان المستخدم يضع معاييرا من الاحتدام في تفاعله مع المنتج والذي يختلف تماما عن تفاعل البشر مع بعضهم البعض فنحن كمصممين علينا ان نضع الاحترام للمستخدم ويجب ان يكون نقطة البدء في التصميم ولغرض التحليل فان المهارات التي يتمتع بها الانسان والتي تستخدم في تفاعله مع المنتج، يمكن ان تصنف الى ثلاث مستويات من الكلية التفاعلية.

1-       المهارات المعرفية او التداولية.

2-       المهارات الادراكية.

3-       المهارات الحسية او الانفعالية.

فالتصميم المبني وفق اسس تفاعل المستخدم مع المنتج يبدا نموذجا من نقطة، ما هو الاسلوب التقني المحتمل والذي يحذو حذو الاطار العام لبقية العلوم المؤسسة لفكرة التصميم؟

ان مشكلة التفاعل بين المستخدم والمنتج تقسم الى عنصرين والى العلاقات بين هذين العنصرين والتي غالبا ما تؤسس وفق تدفق من الخطوط فنحن غالبا ما نسعى الى تحقيق السهولة في الاستخدام من خلال التحليل العقلاني والعقلانية من المفترض ان تقودنا الى السهولة في الاستخدام، والاستخدامية من الممكن ان تحقق من خلال التصميم المنطقي لاجزاء المنتج الصناعي. ومن خلال التتابع المنطقي لهيكلية الاثراء الوظيفي وواجهات الاستلام الوظيفي ومن خلال الالوان المرمزة للاجزاء والازراء والتي تتعلق بوظائف معينة وذلك عن طريق ابرازها بكثافة من النصوص الارشادية والايقونات المفهوم

ان تحقيق الاتصال من خلال الاستخدامية، وكيفية تفعيل تصميم المنتجات بشكل يسمح لوظائفها بالتواصل والاتصال ياخذ جوانب واحتمالات عديدة، وواحدا من هذه الجوانب عندما يكون المنتج على سبيل المثال الحاسوب، والذي يتضمن على وحدات تفاعل وتواصل والذي قد تتعارض مع المفهوم الطبيعي للجسم التفاعلي مع العالم المحيط.

ان اهم ما يميز هذا المفهوم التصميمي هو كونه يحدد نوع من الاتصال للعلاقة بين المستخدم والمنتج، ولكن بمعزل عن العالم المحيط، ولكن هذا المفهوم ذو عناصر ذاتية، ولم تعتبر هذه الفكرة جوهريا في ضوء التطورات الحديثة لافكار Norman اذ اصبح Norman مدركا تماما ان العملية التفاعلية بين المستخدم والمنتجات لا يتوسطها عمليات ادراكية فقط ولكن ايضا من خلال مجموعة من الانفعالات الحسية.

ولكن هذه النظرة ضيقة في التفاعل لكونها تحدد العلاقة بين الاداة “المنتج” وسيدها “المستخدم” وتناقش جانب واحد هو (المنتج والمستخدم) دون الاخذ بنظر الاعتبار العملية التفاعلية مع المحيط الاجتماعي.

لذا فان الجانب الاخر في تحقيق العملية التفاعلية بين المنتج والمستخدم وتفسير فعاليات المصمم على ضوء التنوع الواسع من الهيئات الاتصالية التي تشترك بها وهنا يؤكدها على الطريقة التي يستطيع من خلالها ان يعرض مسيرته الذاتية عن طريقة الاستخدام التي كان يمتلكها في السابق والذي وضعت وضوح اثارها التركيبية ولذلك فان المنتج “يتكلم عن نفسه” من خلال حضوره البسيط في العالم اذ لا تصمم المنتجات بكونها كيانات غير حية ولذلك عندما تخرج من بين يدي المصمم تعرض نفسها لمستخدمها بذات “الهيئة” وهي تدور العالم وتتفاعل مع جماعات من المستخدمين، ويحصل العديد من التفاعلات. لذلك فالمنتجات متناظرة وظيفيا مع البشر وشيئا فشيئا تبني سيره ذاتية تترك لنا بصماتها التفاعلية لهذه المنتجات وعليه فان تصميم المنتجات لا يمكن ان يقتصر على المصمم وانما الوعي بالحياة الاجتماعية للمنتجات مهم جدا ايضا.

وهناك نوعا اخر من الاتصال هو الاتصال بين الانسان وانسان وذلك يحدث بين شخصان او اكثر يتواصلون مع بعضهم بوعي وقدرة لانتاج المعنى. المنتجات الصناعية لها الكثير مما تقدم للعمليات الاتصالية الشخصية بكونها وسائل للوسط الاتصالي وهي بذلك وسائل اتصال. فليس وسائل الاتصال التقليدية”الكمبيوتر والتلفزيون” وسائل اتصال فقط بل جميع المنتجات الثلاثية الابعاد وسائل اتصالية فعالة من خلال صيغتها التكوينية.

اذن تعتبر المنتجات الصناعية وسائل للاتصال غير اللغوي تتلائم مع طبيعتها كمنتجات مصنعة وذلك لقدرتنا لاستنباط التاثيرات او الاستدلالات من علاقات طبيعية فان المنتج الصناعي هو علامة مبدعة

ان المنتجات الصناعية صممت وابتكرت لتغطي نوعا جديدا من الاحتياجات فلم تعد هذه المنتجات مجرد اشياء مادية ولكنها روحية ايضا، عندما تكون اداة للاتصال ضمن نوع معين من النشاطات الاجتماعية لان المصممون لم يعد يواجهون بمهام بديهية كان يقوموا اداء المنتج ليكون ملائم للمستخدم فقط، وانما فضلا عن ذلك ياخذون بنظر الاعتبار ان يكون المنتج مفيدا كاداة للاتصال والمفيد هنا ان يكون المنتج قابل للاستخدام في اوضاع مختلفة من الحياة اليومية لذلك يجب ان يكون قادرا على ايصال المعنى المرغوب.

ان العملية الاتصالية تتضمن الكثير من الجوانب وفي حالات كثيرة تفعل الكثير في ابتكار طرق جديدة للمستهلكين لكي يتواصلوا فالتصميم يجعل العالم افضل لكونه يجهز الناس بادوات ومنتجات جديدة للاتصال مع الاخرين. في عالم اصبح فيه الاتصال المصدر الرئيس الفردي لابراز الهوية والرضا وتحقيق الذات.

Comments are disabled.