لم يكن حال السينما الالمانية افضل من شقيقاتها في السينما الاوربية، بسبب هيمنة الظروف ذاتها، مثل الحروب، او السيطرة السياسية والسيطرة الاقتصادية، على الفن السينمائي وعملية تحريكه بما يؤمن اكبر فائدة تتوخاها السلطات، لتحقيق الدعاية السياسية، وتصدير النموذج الايديولوجي لها، دون الانتباه للجانب الابداعي في قيادة دفة الانتاج السينمائي من حيث القصة المختارة، او المعالجات الاخراجية، والتقنيات العلمية التي تسهم في تطور الفن السينما ككل، ولكن ما يحسب للسينما الالمانية هو ريادتها للفلم التعبيري انطلاقا من الارث الثقافي والفكري الهائل للشعب الالماني، فاذا كانت السينما سواء في اوربا او امريكيا امتلكت تياراتها الفنية والاسلوبية، مثل (الموجة الفرنسية الجديدة، الواقعية الايطالية الجديدة، السينما الاندركراوند)، واعتماد اساليب اخراج متنوعة، فأن السينما الالمانية تمتلك السبق في عملية توظيف بعض عناصر اللغة السينمائية، لاسيما الديكور والاضاءة للتعبير عن ادق الحالات النفسية التي يمر بها الانسان، وما يعاني وسط مجتمعات تقودها افكار مرعبة، وكأنها تفترض ابتداءا حجم الضغط النفسي الذي يسيطر على الانسان، كلما تقدمت به الحضارة وامتلكت الايديولوجيات المتعصبة زمام الامور.

على الرغم من البدايات المبكرة للسينما الالمانية، ومزامنتها لتجارب سينمائية بسيطة تتعلق بعملية عرض الصور المتحركة، كما هو الحال مع الاخوان لوميير، على يد ماكس سكلادانوسكي، (الذي اسس شركة افلام، حيث كان يمثل ويخرج فيها)، الا ان الفلم الالماني بدء متعثرا، ولا يرتقي على المستوى الفني، وارتباط في اغلب الاحيان بالتأثيرات الفرنسية والايطالية والدنماركية، فظهرت صناعة افلام مقلدة شكلا ومضمونا اعتمادا على نتاجات شقيقاتها، الا ان هذه البداية سرعانما كشفت عن امكانيات وقدرات كبير في مجال السينما بعد دخول العديد من كتاب المسرح ومخرجيها وكذلك التشكيلين، ونخبة من المثقفين، فضاء الانتاج السينمائي لتشكل الافلام الالمانية التعبيرية الهاجس الابداعي الاكبر لها.

وكما هو حال الانسانية جمعا، حينما تحل الحرب فيها، فان انهيار القيم، وتسطيح الفن، وغياب الوعي والثقافة هو العلامة المهيمنة على بنية المجتمع، على الرغم من ان العديد من المؤرخين السينمائيين يجدون ان ازدهار السينما الالمانية جاء بسبب الحرب العالمية الاولى والعزلة التي عاشتها الامبراطورية الالمانية، فضلا عن وصول السلطة انذاك الى قناعة مفادها ان السينما تشكل الدعامة الاولى للدعاية السياسية، ويمكن توظيفها من اجل اهداف سياسية، اذ بدء الالمان وفي وقت مبكر، بتمويل اروبا الوسطى بالافلام، التي كانت تحمل شعار (الواجب القومي)، وبسبب هذه القناعة، اتحد اصحاب المصارف والصناعات الكيميائية والتسليح، لتأسيس شركة (يونيفرسوم فيلم) عام 1917، بصفة منتج مهيمن على الفلم الالماني، فازدهرت صناعة السينما المعالجات الاخراجية، وتنوع الموضوعات الفلمية، وتم الاستعانة بخبرات اوربا الوسطى، ممثلين، تقنيين، للعمل على مستوى كتابة السيناريو، وغيرها من المهن السينمائية المتخصصة، فظهرت افلام ممتازة، منها هزلية ومنها تاريخية، ومخرجين اكفاء يقف على رأسهم (ارنست لوبتش)، اذا اخرج مجموعة من الافلام منها (كارمن، الاميرة ذات المحار).

بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى، وانهيار الاقتصاد الالماني، فضلا عن تهشم البنية الاجتماعية، والضرر البليغ الذي لحق بالالمانيين، عمدت السينما الالمانية الى انتاج افلام واطئة الكلفة، ومعالجة النقص الحاد بميزانيات الانتاج الى تبني طرق جديدة في معالجة الافلام، هذا المعالجة حملت معها رؤى اخراجية، وموضوعات غرائبية، تختلف عن الموضوعات الهزلية البسيطة، وهنا هيمن زمن (عيادة الدكتور كاليكاري 1919)، الذي اخذ ومازال يأخذ الكثير من التحليل والاهتمام البحثي في شتى انحاء العالم، ان التحول في طرح الموضوعات ومعالجتها سينمائيا، انما جاء لاسباب عدة، يمكن تحديد جزء منها، بالانهيار النفسي للشعب الالماني وكذلك التحول الاجتماعي، والعبثية التي شكلت البينة الاساس في التعامل مع الحياة بسوداوية، نتيجة الحروب والقتل والدمار، والضياع الذي رافق الجنود الالمان وهم يعودون من جبهات القتال، فالقسوة والخيال الجامح، وهاجس القلق المهيمن على المجتمع تشكل صوريا داخل فلم (عيادة كاليكاري)، لاسيما وان (كارل ماير)، الذي كتب نص الفلم، استمد قصته من مستشفيات الامراض النفسية والجرائم الجنسية، وتم معالجة هذا الموضوع صوريا بطريقة مدهشة، حفزت الجانب التعبيري لدى (روبرت فيين)، الذي وظف الضوء والرسوم التشكيلية المبالغ بها، مع توظف الظلال والمرايا في تحقيق واقعي للازدواجية التي تعيشها الشخصية، هم السمة الاغلب في تلك المعالجة الاخراجية، التي شكلت صور غريبة، غير واقعية، تنهض على منظور هندسي مشوه، من خلال تباين وتداخل الالوان، وتوظيف الصور والرسومات على الارضية والجدران.

ومع تأكيد المؤرخين السينمائيين، انتهاء التعبيرية الالمانية، وهي لم تمتد سوى سنين معدودات، منهم (جورج سادول)، الا ان تأثيراتها ما تزال واضحة او مضمرة داخل بنية العديد من الافلام السينمائية سواء الالمانية او العالمية.

شكلت افلام التعبيرية* الالمانية، الهاما متزايدا في عملية تحقيق رؤى اخراجية تتجاوز المألوف، تجعل من الصورة السينمائية محملة بالشفرات والرموز، التي تحيل لما هو خارج الكادر، لان عملية تتبع الاحداث تكشف عن بنى غائرة تدفع بالمتلقي الى استحضار او عمل مقاربات فكرية بين ما يحدث داخل الاطار وما يحيل اليه خارجه، وقد ظهرت العديد من الافلام التعبيرية بعد (كاليكاري)، لعدد من المخرجين مثل (الاضواء الثلاثة)، لفريتز لانغ، و(غوليم) لبول فغنر، و(الدال على الظلال) لروبنسون، و(غرفة الوجوه الشمعية)، لبول لني.

حينما يؤول الواقع المألوف، لتحقيق اكبر قدر من الرعب او الشذوذ، ويتداخل العقل الواعي مع اللاوعي الفردي والجماعي، فأنه يصبح اشد واقعية من الواقع نفسه، وان كاليجاري، لم يكن الا ملهما ومفجرا لنوازع الخوف والجريمة والشذوذ التي تبطن المجتمعات الانسانية, والمندرسة وسطه.

على الرغم من رحيل (روبرت فيين)، المبكر، الا ان مخرجين مثل (فريتز لانغ) و(فلهلم مورنو)، اسسوا لسينما جديدة، تعتمد الخيال الجامع داخل بنية الواقع، خيال يمتد صوب المستقبل كمعالجات جديد لما يحصل في المجتمع الالماني، وهذا لا يعني عدم ظهور تيارات سينمائية اخرى، اذ ظهرت افلام الشوارع، والافلام ذات موضوعات التحليل النفسي ومن روادها المخرج بابست،  حيث انتجت عدد من الافلام التي تقترب من الشارع ببساطه وتحول استنطاقه فكريا واجتماعيا وجماليا، فاخرج (بابست) فلم (الشارع الحزين1925)، واخرج جو ماي (اسفلتنا 1929)،  باعتماده للصدق في التعامل مع الواقع، او تحاول اعتماد منهج التحليل النفسي كوسيلة لسبر اغور الشخصيات والمجتمع الالماني.

ان السينما الصامتة في المانيه صدحت بالكثير من الموضوعات التعبيرية، فقد قدم لانغ فلم (متروبوليس 1927)، هو يحاول قراءة المستقبل من خلال القصة الخيال العلمي، ومقاربتها مع سيكون المسقبل القريب لالمانيا، حتى قال الكثير من النقاد ان هذا الفلم كان يتنبئ باستلام هتلر والنازية للحكم في المانية، وقدم لانع العديد من الافلام المهمة على مستوى تاريخ السينما الالمانية منها افلام (موت زيغفريد، دكتور مابوز، وصية الدكتور مابوز، الملعون) ما بين 1920-1933.

في حين نجح المخرج (فلهلم مورنو) في اخراج فلم الشهير (نوسفراتو)، والذي يعد من اهم النماذج السينمائية العالمية، حيث فتح باب الانتاج السينمائي على مصراعيه في انتاج وتصوير العشرات الافلام تحاكي الموضوع نفسه، فضلا عن فلمه الشهير الاخر هو (اخر الرجال).

ظهور الصوت وسماع اللغة الالمانية.

لم يسعف ظهور الصوت في الفن السينمائي، الفلم الالماني كثيرا، اذ جاءت المحاولات الاولى بانتاج افلام روايات خيالية، اشتهر بها المخرج الالماني (اريخ مومر)، مثل فلم (طريق الفردوس)، وكذلك ظهر المخرج (اريك شاريل)، من خلال فلم (المؤتمر يمرح)، هو فلم هزلي كوميدي وظف النكات الماجنة في بنية السيناريو، رافقت هذه الفترة ظهور المخرج بابست، وهو يحاول عكس المآسي والالم من خلال فلمه (اربعة في فرقة المشاة)، في حين عاد فريتز لانغ من جديد في فلمه (الملعون)، وبجانب ظهور الصوت صعود نجم هتلر وانتشار النازية، وسيطرتها على كل شي، ونتيجة لذلك، تراجع الفلم الالماني، لاسيما بعد تولي الدكتور غوبلس، وزير الدعاية والتبشير، مسؤولية ادارة الانتاج السينمائي، فكان لظهور هتلر وتكليفه لغوبلس في ادارة السينما  الأثر السلبي في انحدار وتغيير مجرى السينما الألمانية, فقد هرب معظم مشاهير المخرجين الألمان، فضلا عن النخب السينمائية (تأليف موسيقي، كتاب سيناريو، مصورين)، الى خارج المانيا، وهو ما جعل الساحة الالمانية خالية الا من بعض افلام الدعاية الهابطة على المستوى الفني، لاسيما وان النازية كانت تحلم بانتاج افلام  تحاكي فلم ايزنشتاين (المدرعة بوتمكين)، او أي موضوع يحقق اكبر قدر من الدعاية العسكرية، والتمجيد للنازية، والتعصب القومي، وحينما يحدد عمل الفن السينمائي، بنشر رسائل تبشيرية تخص النازية، او الجنس الاري، والقيم الالمانية الجديدة، فأن ذلك يعني توقف تطور الحياة السينمائية، وانكفاء الابداع، والانتظام بأفلام تقريرية، مزيفة لا ترقى الى المستوى الإبداعي، ادى هذا الى انحدار السينما الالمانية، بشكل متواصل، بدءا من الحرب العالمية الثانية وسقوط هتلر، وانتهاءا بالأعباء الاجتماعية والدمار الذي لحق المانيا، التي كانت مثقلة بالديون والجراح، والخسائر البشرية الهائلة، وهو ما جعل الفن السينمائي لا يقوى على التطور، استمر انهيار السينما الالمانية الا من بعض الافلام النادرة، طوال فترة الاربعينات والخمسينات والستينات من القرن الماضي، يرافق هذه الظروف الداخلية المعقدة، حصار خارجي فني، حينما منعت العديد من الدول الاوربية استيراد الافلام من المانيا، اما لبسبب ايديولوجي او لقطع العلاقات بينهم.

لم تكن المانيا هي الخاسر الوحيد بعد انتهاء عام 1945، وانما دخلت القارة الأوربية في سبات كامل، نتيجة الخسائر الهائلة التي تعرضت لها الشعوب، والاقتصاديات المنهارة والديون التي تثقل كاهل الدول، الا ان المانيا كانت المتضرر الأكبر، فامتد سباتها اكثر من عقدين من الزمن، وأضحت العيون والعقول تتجه صوب أمريكا على مستوى الفن السينمائي بسبب التطور الهائل لفن الفلم هناك، وغزارة الإنتاج، هذا ما جعل أمريكا حلم بالنسبة للمواهب الأوربية على رأسها المانيا، أتحف المخرجين والكتاب والموسيقيين الألمان السينما الأمريكية بالعديد من الأفلام المهمة مثل فلم (كازبلانكا)، الذي حاز على جائزة الاوسكار، ان انهيار المجتمع واستحالة  الفرص التي تقدمها شركات الإنتاج للأوربيين الموهوبين، شكلت عوامل مساعدة في انتعاش السينما الامريكية من جهة وبطء نمو السينما الاوربية والالمانية على وجه التحديد من جهة اخرى.

في نهاية ستينات القرن الماضي، بدأت تظهر تجارب سينمائية شابه في المانيا، امتلكت قدرة الشرارة التي اوقدت النور، لتبعث السينما الالمانية بوصفها احد اهم رواد الفن السينمائي العالمي، ولكن من اجل الدقة العلمية، والامانة التاريخية لابد ان ذكر اهم اسباب دوران عجلت السينما الالمانية، كما قلنا ابتداءا، ان الشقيقات الاوربيات، يمتلكن القدرة على التأثر والتأثير، وهذا ما حصل تحديدا، حينما عمت التقاليد السينمائية الجديدة، المنبعثة من ايطاليا، وما قامت به الواقعية الايطالية الجديدة، من قيم إنتاجية وطرق إخراجية، والابتعاد عن الاستوديوهات الكبيرة والإنتاج الضخم، والاعتماد على الامانه التوثيقية في التعامل مع الأحداث داخل الواقع نفسه، فضلا عن اعتماد ممثلين غير محترفين لاداء الأدوار الرئيسة كما في الفلم الشهير (سارقو الدرجات لديسكا)، ومن ثم انطلق شعاع أنار الطريق للسينما الالمانية، وغيرها من سينمات العالم، مع ظهور طروحات اندرية بازان، وأفلام جودار وترافو، من خلال تيار الموجة الفرنسية الجديدة، التي اوجد الأساليب الإخراجية ذات الشكل الجمالي فضلا عن التكاليف الإنتاجية البسيطة، باعتماد الكاميرا المحمولة وهي تتابع الشخصيات، او اللقطات الطويلة، التي تماثل من حيث الزمن، طول اللقطة في الفلم يساوي طول الفعل على الواقع، وظهور نظرية سينما المؤلف التي هيمنت في ذات الوقت على مجمل الطروحات الأوربية السينمائية، هذه الرؤى الإخراجية، والتقنيات البسيطة، القليلة الكلفة، دفعت مخرجي السينما الألمانية إلى البحث عن انبعاث جديد  للعنقاء من تحت رماد الحروب والديون والحصار.

فجاءت الأفلام التي أخرجها مخرجون شباب من أمثال راينر فيرنر فاسبيندر، وفيرنر هيرتزوك، وليم فاندرسن، وفولكر، فاتحة خير، لعموم السينما الألمانية، على الرغم من قصر الأفلام، وإمكانياتها الإنتاجية المحدودة الا انها كانت الخطوة الأولى التي تبعتها عشرات الخطوات، لتعود السينما الألمانية مجددا.

وهكذا ازدهرت السينما الالمانية من جديد، وازداد عدد الأفلام المنتجة، يرافق ذلك تطور على مستوى البناء الشكلي للفلم، فيكفي ان نعرف ان عدد الأفلام الألمانية التي تم ترشيحها لجائزة الأوسكار، وخلال مدة أربعة عقود أكثر من اثنا عشر فلم، فاز منهما فلمان هما ( الة الطبل عام 1979)، وفلم (بعيدا عن افريقيا 2002).

تسلقت  العديد من الأفلام السينمائية الألمانية،  قمة العديد من المهرجانات السينمائية، سواء الأوربية ام العالمية، وحققت أكثر من ثلاثين جائز ما بين محلية وعالمية، لابد ان تشير  بالبنان الى المخاضات الصعبة، القدرة المتنامي لصناع السينما الألمانية في مواكبة، التطور الهائل الذي تعيشه سينما اليوم، وإذا رأى الكثير من نقاد السينما ان الجوائز لا تشكل المستوى للحقيقي لأي سينما، فأن عملية الوصول بهذا الزخم للمشاركة في المهرجانات السينمائية، انما هي دلالة أكيدة على تطور ونمو وتألق السينما الألمانية، بغض النظر عن الريادة، التي هي مطمح  جميع سينمات العالم،

  وهذا ما يشكل عوامل ايجابية تدفع السينما الألماني لتكون في الواجهة، وأفضل من سابق عهدها، طالما ان السينما هي احد  اللغات الحية التي تخاطب الإنسان اين ما وجد، ان عملية تحقيق التواصل من خلال بناء الصورة، لابد ان تعتمد  ابتداء على جميع تمفصلاتها، وإشاراتها التي تقود المتلقي لاكتساب المزيد من المعلومات  والمعاني، لاسيما وان اغلب الموضوعات التي تعالجها السينما الألمانية تعتمد الواقع، او  التاريخ، لبث أفكارها ورؤاها، وموقفها تجاه ما حدث او ما يحدث، وهذا ما نجحت به السينما الألمانية، لتعود بوصفها إحدى السينمات الرائدة على مستوى  العالم من حيث السبق، والإبداع، والتنظير الفكري، الذي هيمن وفي أزمنة طويلة على يد المنظرين الألمان.

ان التاريخ الحافل للسينما الألمانية، لم يحدد مساراتها بشكل متسلسل نتيجة، الفترات الكبيرة التي اعترت طريقها ما بين أزمات او انهيارات او نجاحات منفردة، تتسلق لفترة بسيطة، قمة مهرجان معين، الا أن الشيء المهم الذي يجب ذكره، فيما يخص  تيارات السينما الألمانية المعاصر، قد ابتعد عن النقل الحرفي او التمسك الشديد بموضوعات الأفلام التاريخية، على الرغم من ان التاريخ الألماني المعاصر يحمل الكثير من المآسي، والنكبات، وكذلك الأسرار التي بحاجة الى فهم اكبر، الا في السنوات الأخيرة تحديد، وهذا ما يجعل مخرجي السينما الألماني مستوعبين للفعل النازي، ومحللين له، بحيث يتم تقديمه بطرق شتى، قد لا تحيل مباشرة إلى الموضوع إلا أنها تشكل في نهاية الأمر أدانه لذلك الحكم، مع التأكيد أن بعض الأفلام الألمانية التي تناولت حياة هتلر بشكل من الكوميديا، وجعله شخصية مسخ، لا تنهض على رصيد فكري، قدر قيامها بتقليد لبعض الموضوعات التاريخية، لأفلام شارلي شابلن على سبيل المثال، لان الحقيقة التاريخية، أو الشخصية التاريخية بغض النظر عن سلبياتها، وايجابيتها تستحق منا القيام بتقديمها بشكل يحقق اكبر قدر من المصداقية التاريخية، اعتمادا على الوقائع التاريخية، والاحداث التي اثرت في الشعوب، في نرى ان العديد من الافلام في  السينما الالمانية المعاصر قد اقترب كثير من دراسة البنية الاجتماعية للمجتمع الالماني، من خلال عكس حالات من العلاقات الاجتماعية، او قص احداث عن شخصيات المانية تمثل رموز وطنية ملهمة، وهذا المستوى من الافلام يتطلب اكثر ما يتطلبه الدقة في التعامل مع عناصر اللغة السينمائية من اجل منح الصورة القدرة الكاملة على ايصال المعلومة، بعيدا عن  ضبابيتها او تفسيراتها النفسية.

ان  موضوعات الافلام الالمانية المعاصر، تداخلت وتمازجت ما بين الارث القومي للالمان وما بين ماحققوه الرواد، فيمكن لنا على سبيل المثال من الاسترشاد بافلام الرعب، بوصفها ايقونه المانية، تمتلك القدرة على التكامل والتجدد،  والانبعاث في موضوعات شتى تتجاوز  طروحات  (نوسفيرا)، او الاعتماد على  الطروحات النفسية، التي فتحت الباب الى مئات الافلام السينمائية، لاسيما وان هذه الموضوعات تمتلك من السعة ما بين  التحليل المباشر وما بين اعتماد الانماط الاولية في التفكير، او تبنية  اللاوعي الفردي والجمعي، كوسائل للانتقال داخل عقول الشخصيات، وكشف تطلعاتهم، على غرار مسخ كافكا.

مخرجين السينما الالمانية:

رغم الصعوبة البالغة في اقتفاء مسار الافلام السينمائية الالمانية، بسبب شحت  المصادر التي تصل الى العربية، الا من بعض المقالات المقتضبة، وهذا ما يدعونا الى التفكير بجدية من اجل قيام السادة القائمون على مهرجان بغداد السينمائي، الى تبني تشكيل مراكز ثابتة، تقدم  المعلومات عن مجمل السينما العالمية، والسينما الالمانية على وجه الخصوص، وهي دعوة خالصة، من اجل اتمام الفائدة من هذا المهرجان المتميز، مع التأكيد على تحقيق اكبر قدر من السرعة في بث المعلومة السنيمائية، وسط هذا الكم الهائل من النتاجات العالمية، فضلا عن تبني المهرجان، محاولات ترجمة بعض الكتب السينمائية التي تتناول سينمات العالم، بعيدا عن السائد او المهيمن، كمحاولة  جادة في التعرف على الافكار والاقتراب من حيث الصورة، التي تؤطرنا بانسانيتها ولغتها العالمية.

 الا انه تم تحديد عدد من المخرجين الالماني، من الذين يشكلون مساهمة فاعلة على مستوى  مسيرة السينما  الالمانية، واصبحوا ملهمين لعدد كبير من الافلام العالمية، والبحث هنا يحاول استعراض اسماء بعض هؤلاء المخرجين من السينما الالمانية، وعلى النحو الاتي:

المخرج ماكس سكلادانوسكي

المخرج ارنست لوبيتش

المخرج روبرت فيين

المخرج فيرتز  لانغ

المخرج بول فغنر

المخرج بول لني

المخرج روبنسون

المخرج فيلهلم مورنو

المخرج اريخ مومر

المخرج اريك شاريل

المخرج بابست

المخرج جو ماي

المخرج فولكر شلوندورف

المخرج راينر كلوغه وراينر

المخرج فيرنر فاسّبيندر

افلام الحب ابرد من الموت

الهة الطاعون

تاجر الفصول الاربعة

ممر الوحوش

اليأس

كوريل

المخرج فيم فاندرز 

فلم نهاية العنف

المخرج بيتر لوره

فلم الضائع

 المخرج فيرنر هيرتسوغ

فلم آثار حياة

فاتا مورغانا

أغوري،

 غضب الله

فيتسجيرالدو

 كوبرا فيردي

نوسفيراتو

فويشيك

فيتسجيرالدو

المخرج فاتح اكين

عكس التيار

فلم على الجانب الاخر

المخرج  هانس هيرشبيغل

السقوط

المخرج جو باير

  شتاوفينرغ

المخرج فولكر شلوندورف

اليوم التاسع

المخرج دينيس غانسل

نابولا

المخرج فاينغاردنر

السنوات السمان عدت

 المخرج ميشائيل هانيكه

فلم الشريط الأبيض

المخرج كريستيان شفوخوف

 فيلم أبن نوفمبر

 المخرج فوندونار سماك

 فلم حياة الآخرين

قائمة المصادر

جورج سادول تاريخ السينما في العالم

فوضى الخيال حورات مع فاسبيندر

كلاسيكيات السينما الالمانية الصامتة

كمال رمزي، السينما الاوربية

ابراهيم العريس، الصورة والواقع



* التعبيرية الالمانية : حركة طليعية تأسست في ميونخ حوالي سنة 1910، وهو رد فعل للحركتين الانطباعية والطبيعية، وكانت التعبيرية حركة موسيقية وادبية وهندسية وبخاصة تصويرية، ينظر : جورج سادول ، تاريخ السينما في العالم ، تر ابرهيم الكيلاني، وفايكم نفش ، ( بيروت : منشورات عويدات ، 1968 )، ص 159.

Comments are disabled.