هيرمان اوكست سيكر
(1839-1893)
“الكيميائي الذي اسس لعلم الخزف”
أ.د. احمد هاشم الهنداوي
كلية الفنون الجميلة / جامعة بغداد
يمر على الباحثين والمختصين والطلبة العديد من الشخصيات الذين وضعوا اسس وقواعد ونظريات علمية اعتمدت منذ فترات زمنية طويلة ولحد الان, وعليه لابد من التعرف على حياتهم الاجتماعية ومسيرتهم العلمية التي اهلتهم لهذا الارتقاء العلمي .
ولد هيرمان اوغست سيكر (Hermann August Seger) في السادس والعشرون من ديسمبر 1839م في مدينة بوزنان (Poznan) في بولندا، والده كارل فريدرك سيكرKarl Frierdrich Seger) ) وكان قاضي استئناف.
كانت بداية حياته ودراسته في بلدية ريلشل Realschule) ) في مدينته , وقد حصل فيها على ما يحتاجه ليبدأ حياته العملية.
دخل المعهد التقني في فرانكفورت في منطقة اودر Frankfurt an der Oder)) والذي تخرج فيه في العام 1859 م, اكمل دراسته في المعهد التقني الملكي في برلين , وفيه كرس نفسه وبحماسة لدراسة الكيمياء تحت استاذه راملسبيرك (Rammelsberg) ولاحقا تحت باير Baeyer)). وفي مختبر الكيمياء غير العضوية والذي فيه قدم د. جون (Dr. Schone) خدمات كبيرة لصناعة المواد الطينية (Clay Ware) من خلال عدة الغسل الخاصة بالأطيان, حيث شغل سيكر وظيفة (مساعد مختبر) ضمن دورة دراسية للطلبة ولكي يكون بجانب استاذه د. جون .
بعد ان تخرج سيكر اكتسب معرفة تكنلوجية واسعة اذ تولى ادارة بعض المرافق , وبعد سنوات من النشاط الفاعل والناجح في امتلاك المعرفة العلمية , كان قد تخرج في جامعة روستوك (Rostoch) في العام 1868م , بعدها عمل لفترة قصيرة في مصنع للكيميائيات في السويد, وفي هذه الاثناء حدثت تطورات كبيرة في التكنلوجيا وفي العديد من القطاعات ومنها اكتشاف الفرن المستمر (Continuous Klin) في العام 1885م من قبل العالم هوفمان (Hoffmann).
وبعد ان اصبحت الحاجة ملحة لهذه التطورات العلمية والتي وضعت الكيميائيين وجها لوجه مع مشاكل جديدة , لذلك قرر سيكر في العام 1869م تكريس معرفته وعلمه وكل حياته لخدمة الصناعات السيراميكية. وبما انه كان على صلة بعدد كبير من مصانع المواد السيراميكية في بلده , لذا اصبح على دراية باحتياجات مختلف الاعمال والمواد الخام والمنتجات من وجه نظر (خبير) , سافر الى (بلجيكا , انكلترا , هنكاريا) البلدان التي كانت منتجاتها في ذلك الوقت افضل بكثير من المنتجات الالمانية , وذلك لدراسة مختلف فروع هذه الصناعة , وعند عودته الى الوطن اصبح على علاقة بعدد من المختصين ومنهم صديقه الحميم تيرشيدت (Turrschiedt) اللذان عملا معا عملا شاقا .
ظهرت اول اعمال (سيكر) العظيمة في العام 1870م وهي اطروحات ذات طابع نظري نشرت في مجلة نوتسبلات (Notisbllat) , ومن هذه الموضوعات:
1- عملية التجوية للصخور البلورية وتأثيرها على هيكل التكوينات الطينية.
2- عملية التبلور واهميتها للصناعات الطينية.
وتدل الاعمال الاولى على موهبة (سيكر) العظيمة وحاجة الصناعات السيراميكية لها , حيث درس الخصائص الفيزيائية للطين , البنية الهيكلية , اللدونة , قوة امتصاص الماء , التقلص اثناء التجفيف والحرق , شكل وحجم حبيبات الرمل …… الخ .
في العام 1872م تم تعيينه محررا لمجلة نوتسبلات فضلا عن عمله الذي يحبه وهو دراساته لتعزيز الصناعات السيراميكية بالاضافة الى تحرير مجلة (زيغلر الألمانية للخزافين) Deutsche Töpfer und Ziegler Zeitung)) وادارة المختبرات الملحقة بالمجلة كونه مساعد للدكتور ارون (Aron) صديق الدراسة في هذه المختبرات .
لقد كان (سيكر) دائم البحث للوصول الى شيء مهم مثلا ما يحدث في افران هوفمان وعملية تبخر الماء من الطين او ظهور اللون البرتقالي على السطح كون الطين يحتوي على (الجير) حيث وضح سيكر هذه الظاهرة بشكل دقيق .
في ملفات مجلة نوتسبلات وجدت مقالات مهمة لسيكر حول بلاستيكية الطين والكاؤلين وكلها مسندة بالتحليلات لتعرف منتجات الطين المختلفة البورسلين , الخزف الابيض ,والستونوير , وانواع اخرى مختلفة .
في التاسع من سبتمبر عام 1875م تزوج سيكر بالسيدة ايما شور ني شميت (Emma Schur Nee Schmid) وهذا الزواج جعل لحياته وفرة من الايام السعيدة وفتح ذهنه للعمل بقوة. في العام 1877م تخلى سيكر عن منصبه كمحرر لمجلة النوتسبلات واسس (المجلة الصناعية) (Thonindustrie-Zeitung) مع صديقه ارون.
وعند تأسيس مركز الابحاث التكنلوجية و الكيميائية في المصنع البورسلين الملكي في برلين من قبل الحكومة (البروسية ) عمل سيكر مديرا لهذا المركز بناء على توجيه المستشار الالماني مولر (Müller) وذلك في العام 1878م.
ان حياة (هيرمان سيكر) مثيرة للاهتمام كونه حقق الكثير من النشاطات العلمية والتطبيقية والتجارب المهمة والرائعة , وفي العام 1883م تم تعيينه مديرا مساعدا لمصنع البورسلين الملكي (Königliche Porzellan-Manufaktur) ، علماً أن المصنع مستمر بالإنتاج حتى الآن ، فضلا عن نشاطاته الناجحة ككيمياوي في المعهد التقني الملكي . ومنذ العام 1860م وحتى 1873م عرض عليه منصب مدير المصنع وخلال هذه الفترة كان منشغلا بإدارة المعهد الى درجة انه اصبح مجبرا على التقصير في اعماله وبحوثه ووضعها خلف ظهره لذا انه رفض شرف المنصب , وفي ابريل من العام 1885م منح شرف الاستاذية الفخرية من قبل الحكومة البروسية .
قدم سيكر الكثير لدعم الجانب العلمي والتطبيقي ومن الاعمال المهمة تطويره المخاريط الحرارية (Seger Cones) والتي سميت باسمه والتي تستعمل لقياس درجات الحرارة في افران الخزف وذلك في العام 1886م وهذه المخاريط ذات المكونات القابلة للانصهار اصبحت في متناول كل الصناعات الخزفية .
وضع سيكر قاعدة سميت باسمه ايضا (صيغة سيكر) (Seger Formula) وفيها حددت العلاقة بين المجاميع الاوكسيدية الثلاث: القاعدية (R2O-RO) , والمتعادلة (R2O3) ، والحامضية (RO2) للزجاج والاجسام الخزفية , وتستعمل هذه القاعدة من قبل المختصين والعاملين في مجال السيراميك لحد الان .
حصل على براءة اختراع عام 1880م لاختراعه نوع من البورسلين ينضج بدرجة حرارة واطئة (Soft Porceline) وقد سمي باسمه (Seger Porceline) وهو تقليد لخزف ينتج في شرق آسيا.
وابتكر زجاجا جديدا بلون احمر غامق يعرف بدم الثور (Sang-de-boeuf) من خلال اختزال اوكسيد النحاس. وطبق سيكر هذا الزجاج على عدد كبير من الاعمال الخزفية بتقنيات مختلفة.
تطبيقات سيكر لبعض أنواع الزجاج
