اليوم على خلفية موضوع (الفراغ )الذي تم تناوله في اطروحة د عبد الحكيم جاسم والذي اثار جدلا معرفيا واسعا لدى بعض الحضور من الاساتذة الأكاديميين والمختصين وبعض ما دار بيني وبين الدكتور سامي عبد الحميدا لما للفراغ من مجاورات قد تقترب او تبتعد من وجود هذا المصطلح لغويا وفلسفيا وجماليا وبما يمت من صلة بطبيعة الجنس الفني او الادبي الذي يشتغل فيه ، فقد نعتقد انه قريب جدا من قولنا (الحيّز) احيانا وما يدل عليه من معنى او دلالة ، وقد يذهب الفراغ الى ما لا يمكن ان نراه او نسمعه او نتحسسه ، وقد يكون (مدى) لا يمكن اجتيازه ، والفراغ كيان له وجود قد تخلقه الضرورات وفيه ما يستدعي ملئه او سده وفيه من لا يحتاج ذلك لان قيمته تكمن في ذلك ، وهناك من يطرح مفردة (المسافة)التي يفندها البعض لما تشع به من حدود وقياسات محسوبة ، والبعض من تهرب من اشتراطات (المكان) ولجا الى مفردة ومصطلح (الفضاء) الذي يعتقده هو الاعم والأشمل لكنه لن يتطابق مع ما يدل عليه (الفراغ) من معنى ودلالة ، ذلك ما يجعلنا ان نتساءل هل ان للفراغ ثمة وجود مادي لا يشغل ما يمكن ان يشغله وبما يسبب فراغا في هذا الوجود الذي يرغب البعض في تسميته ب(الحيّز) ان لم نقل تصلح لتفسيره تسمية (المكان الخالي )وقد يتعدى فهمنا للفراغ بمقاربات قابلة للتساؤل ، الى اي (مدى ) يقترب مفهوم (الفراغ )من مصطلح (الغياب) او هل له ثمة علاقة بما طرحه المفكر جيرار جينيت (بالحذف والاضمار ) وبما يمكن ان يقترب من المسكوت عنه او عدم المصرح به ، وهنا يمكن السؤال هل ان الفراغ يحصل في اللغة ونطق الكلمات أو فجوة في زمن ما او حيّز في مكان ،ويمكن التساؤل ايضا هل ان وجود (الفراغ) جاء قصديا ام عشوائيا، وينبغي علينا ان نعرف وندرك ان هناك (فراغات)عدة منتشرة في النص ومسوغات وجودها لا تخلو من الضرورات الدرامية والفكرية والجمالية والاسلوبية ولذات الأسباب قد تتخلل اليات الاداء في العرض (مسرحيا ، سينمائيا ، تلفزيونيا)، هناك فراغ في المسرح وهناك فراغ في السينما وفِي الموسيقى بل وحتى في اللوحة التشكيلية ذلك لان منتجات هذه الاجناس الابداعية الجمالية تشترط وتتطلب مستويات مثلى في التلقي الذي يتألق بفعل عناصر التشويق واحكام خيوط الحبكة او طرائق السرد وتفعيل عناصر العرض من ضوء ولون وجسد وحركة وحدث وأفعال وطرائق متقدمة في الصياغة والمعالجة بلغة مرئية لا تعرف الترهل والتزييف ،الفراغ قادنا الى المكان والفضاء والمسافة والحيز والفجوةبحثا عن ما هو اكبر وما هو من تجري به الأحداث دون ان نراها اي كما لو قلنا (الصورة خارج الشاشة) كما اطلق عليها الان كاسبيار .. ، وهل يمكن اجراء مقاربة انتماء لجنس واحد واعتبار الفراغ هو جزء من المكان ..،المكان الذي تحدث عنه غاستون باشلار الذي يركز الوجود داخل حدود تمنحنا الحماية او كما يصفه ياسين النصير عنصرا حيويا كبيرا من اشتراطات القص والحكايةوالبناء الدرامي …،اعتقد ذهبت الكثير من الاّراء الى مسافات متباعدة احياناومتقاربة نوعما في البحث عن تعريف إجرائي يمنح كل هذه المفردات التي أرغمت اليوم في مقالنا للخنوع بين قوسين على امل التحرر من هذه القيود وإعلان استقلالها الفلسفي والجمالي وهو تسبح في بحور التخصص والاجناس الفنية والثقافية المتعددة …… د صالح الصحن