جرت مناقشة رسالة الماجستير الموسمة (الرسوم الصحفية في العراق – دراسة تحليلية ) للباحث(محمود موسى وادي) قسم الفنون التشكيلية الرسم وبأشراف (الأستاذ الدكتور سلام جبار جياد).
ويتناول هذا البحث جوانب عديدة لها صلة جوهرية بالموضوع الذي بدا منسياً من قبل الباحثين والدارسين فمن المعروف ان الصحافة تواجه تحدياً كبيراً امامها الا وهو حركة الصورة وانتشار الميديا البصرية وتطور تقنياتها، وتعد الرسوم الصحفية احدى الوسائل التي نافست نمطية الصورة الصحفية ، إذ يكتسب فن الرسم الصحفي مميزات وخصائص فريدة عن سائر بقية الفنون التشكيلية الأُخرى وذلك بسبب طبيعة العرض والانتشار وصولاً الى المتلقي والجمهور الذي تصله هذه الرسوم عبر واسطة عرض سريعة وسهلة التلقي والتداول وهي الصحافة الورقية.
كما شكلت الرسوم الصحفية والموتيفات، ولاسيما الرسوم الملونة وخاصة أغلفة المجلات تحدياً لحركة الصورة بالأسود والأبيض والتي كانت هي السائدة والشائعة في التلفزيون آنذاك قبل ان يتطور الى الألوان، فضلا عن التحدي الآخر الذي شكلته تلك الرسوم الصحفية للصورة الفوتوغرافية الصحفية والتي عُرفت باطارها التقليدي الاستاتيكي.
وقد تطرق الباحث في الفصل الأول من البحث الى مشكلة البحث وحدوده المكانية والزمانية والهدف من البحث، وتعريف المصطلحات الخاصة بالبحث تعريفاً لغوياً واصطلاحياً وإجرائياً.
وفي الفصل الثاني الذي تضمن الإطار النظري تطرق الباحث في المبحث الأول الى الرسوم الصحفية – النشأة والجذر التاريخي ، في حين اشتمل المبحث الثاني على تقنيات الرسوم الصحفية وأساليبها الفنية مشيرا الى اهم الخامات المستعملة مثل الحبر بانواعه واقلام الرصاص والرسم المائي والباستيل وكذلك اشهر تقنيات الرسم الصحفي مثل الاوكاد والتهشير والكرافيك.
اما المبحث الثالث فتناول الباحث المرجعيات الجمالية للرسوم الصحفية العراقية مشيراً الى تأثيرات بعض المجلات العربية والعالمية على تقاليد الرسم الصحفي العراقي وتضمن المبحث الرابع العلاقة البنائية بين النص المكتوب والرسم مشيرا الى طروحات عدة وآراء فلسفية تخص اشكالية العلاقة بين النص الكتابي وصورته البصرية المرسومة. وقد توصل الباحث الى مجموعة من المؤشرات التي تمخضت عن تلك المباحث المتناولة في الفصل الثاني وهذه المؤشرات قد شكلت لدى الباحث أداة مهمة وضرورية استعملها في تحليل عينات البحث التي انتخبها في الفصل الثالث والتي كانت (12) عينة، اختيرت وفق مسوغات اشار اليها الباحث في ذلك الفصل وبعد تحليل الباحث لتلك النماذج خرج بنتائج افرزتها تلك المعطيات اثناء تناول تلك النماذج بالتحليل إذ ادرجها الباحث في الفصل الرابع وكان من ابرزها.
1. امتازت الرسوم الصحفية بظاهرة العنف في حركة الشخوص والاشكال وهو انعكاس لظاهرة ثقافة العنف السائدة في العراق مع تكرار الجسد الانساني المقطع الاوصال.
2. استعمال ثيمة الرأس المقطوع وتكرارها، نتيجة مرجعيات عدة مثل رؤوس الملوك البرونزية الرافدينية التي شكلت ضاغطاً جماليا سحرياً وكذلك صورة الرأس المقدس وهو مقطوع ومحمولاً على الرماح تارةً او في إناء تارةً أُخرى وما يحمله من قدسية مأساوية ارتبطت بمفهوم الشهادة الحسيني .
3. تأثرت الرسوم الصحفية وانقادت من قبل آيديولوجيا السلطة أو آيديولوجيا الصحيفة نفسها كما في جريدة (طريق الشعب) ذات الايديولوجية اليسارية.
4. الابتعاد عن التقنيات الصعبة مثل الكرافيك او تقنية الحفر بالابرة على الورق المسمى (British Scraper Board) والاكتفاء بالتقنيات السريعة مثل التخطيط بقلم الحبر.
5. لم يشكل الرسم الصحفي في العراق عنصر جذب واضح للرسامات العراقيات ما عدا بعض الاسماء القليلة مثل (عفيفة لعيبي، هناء مال الله ، انطلاق محمد علي)، ويبدو ان ابتعاد التشكيل النسوي عن الرسم الصحفي يشكل ظاهرة سلبية تستحق التأمل والدراسة والتحليل.
6. الاتجاه نحو المدرسة التعبيرية في معظم الرسوم الصحفية وذلك من اجل مراوغة الرقيب لتمرير أقصى ما يمكن من تعبيرات قد تتقاطع مع آيديولوجيا السلطة.
ثم خرج الباحث باستنتاجات عامة استعرضها في الفصل نفسه مع مجموعة من التوصيات والمقترحات.