قراءة في كتاب (في فضاء التصميم الطباعي)
المدرس: معتز عناد غزوان
كلية الفنون الجميلة / جامعة بغداد
يعد التصميم الطباعي من الفنون التي يحتاجها المجتمع في مختلف نواحي الحياة ولاسيما في ميدان النشر والثقافة، كما أن الدراسات والمصادر التي تهتم بهذا الفن والعلم تكاد تكون قليلة جداً. إذ ساهم العديد من الباحثين ولاسيما الأكاديميين منهم في تأسيس قاعدة نظرية لهذا الفن والإحاطة بجوانبه الإبداعية والفكرية والإنسانية. لعل من تلك الدراسات المهمة هو كتاب فن التصميم للأستاذ الدكتور إياد الحسيني الذي طبع بثلاثة أجزاء في دولة الإمارات العربية المتحدة ونال عليه المؤلف جائزة الشيخ زايد للفنون بجدارة وتألق. كما ظهرت دراسات أخرى تكاد تكون بالأهمية الكبيرة التي بدأها الدكتور الحسيني في بناء قاعدة معلومات ومصادر مهمة لهذا الفن أو العلم إن أمكن التعبير، فالتصميم بشكل عام والتصميم الطباعي بشكل خاص يمثل خطاً وسطاً ما بين العلم والفن.
من هنا استطاع الأستاذ الدكتور نصيف جاسم في كتابه الجديد والموسوم (في فضاء التصميم الطباعي) الصادر عن دار الينابيع في دمشق مؤخراً التأكيد على روح هذه المسيرة العلمية الرصينة التي تنتهج نهجاً علمياً واضحاً ولاسيما في التأكيد على دور التصميم الطباعي في الحياة والمجتمع والفن والسلوك والإدراك والاتصال وغيرها، إذ يمثل هذا الكتاب نقطة تحول كبيرة ولاسيما في احتوائه على معلومات جديدة تضيف إلى الاختصاص الدقيق إضافةَ معرفية كبيرة وتساعد في إيجاد نظرية معرفية تطبيقية تؤكد حضور التصميم الطباعي على ارض الواقع ومساهمته في بناء المجتمع وتطوير الذوق وتنمية الفكر ولاسيما الفكر الإنساني.
بدء المؤلف كتابه هذا بإهداء جميل وترميز ينم عن انتماء حقيقي وروحي للوطن والأرض والتاريخ إذ يقول ((إلى أول من وضع أثراً طباعياً على الأرض وجدران الكهوف — ابن الرافدين)) لنلاحظ الدقة التي أشار إليها المؤلف في التأكيد على مرجعياته المعرفية والفكرية. كما وضع المؤلف 26 فضاءً للتصميم الطباعي متطرقاً إليها بتفصيل وبلغة علمية دقيقة اعتمدت المصادر والمراجع العلمية بكل دقة، حملت تلك الفضاءات قصة التصميم الطباعي ونشأته وتطوره وابرز رواده وما قدموه من جهد كبير في تطوير التصميم الطباعي محلياً وعالمياً كما ناقش المؤلف تلك المفاهيم بروح علمية وجهد كبير.
كما تطرق الدكتور نصيف جاسم إلى ابرز تقنيات الطباعة اليدوية والميكانيكية التي تعد من أهم طرائق الطباعة الفنية الرصينة التي تضيف إلى التصميم رونقا وأهميةً جمالية فنية، انتقل فيما بعد إلى رائد الطباعة الألماني (يوهانز غوتنبرغ) الذي يعد رائد الطباعة كتقنية فنية أدهشت العالم وتعد الثورة الفنية الكبرى في تقنيات الطباعة والتصميم الطباعي، إذ تطرق المؤلف إلى هذا الموضوع بكل تفصيل ودقة. كما درس العديد من الفنانين والمصممين الطباعيين العالميين منهم (ويليام موريس)، (بول راند)، (سول باس)، (ايرك لبنسكي)، وتطرق إلى دراسة الملصق البولندي المعاصر والملصق الفرنسي وتاريخه، ودراسات أخرى تختص في تصميم العلامات والشعارات وتحليلها ودلالاتها، وتصميم الطوابع، والتصميم الرقمي الذي يعد التصميم المعاصر بتقنياته الفنية الحديثة فضلاً عن دراسات أخرى في الباوهاوس وفن الكرافيت.
مما تقدم نستطيع أن نؤكد حضور وجهد المؤلف الكبيرين في طروحاته التي تضمنها هذا الكتاب القيم ليقدم لنا نصاً معرفياً رصيناً يفيد منه المتخصصون ولاسيما الذين يدرسون في مراحل متقدمة ليكون منهجاً علمياً يساعد الباحث في إيجاد العديد من المعلومات التي يحتاجها في عمله البحثي العلمي. فبارك الله بجهود الأستاذ الدكتور نصيف جاسم في كتابه القيم هذا متمنين له كل التقدم ولعراقنا الازدهار والتقدم العلمي.