الاستاذ الدكتور العلامة والمفكر العراقي زهير صاحب اكد وفي اكثر من لقاء شخصي واخر عام وعلى الفضائيات وفي بعض الحوارات الصحفية كذلك بانه مهتم بنشر الثقافة الجمالية وبشكل خط متصل يبدأ مع اولى المحطات التاريخية في فنون الكهوف، تلك التي يشير الكثير من المفكرين العالميين الى قدمها في بعض كهوف العراق، وحتى فنون ما بعد الحداثة او المعاصرة في العالم والعراق ، ويبتغي الاستاذ من وراء ذلك خلق نوع من الصلة ما بين الماضي والحاضر بخلاف منطق القطيعة او الازاحة التي نادى به بعض التيارات الفكرية التي رفضت التاريخ لانه مجرد بحث في حقل الماضي، كما وقد التزم المفكر العراقي الاستاذ الدكتور زهير صاحب وفي معظم كتبه اسلوبا خاصا به في قراءة وتحليل الاثر سواء اكان ذلك على مستوى الجمال او الشكل او المعنى ، اذ يقدم لنا الموضوع التاريخي ليس بوصفه تاريخ فقط وانما بوصفه محور تامل ودراسة يتقاسم وجودها البحثي جانبا فلسفيا واخر تاريخيا ولغويا وحتى اقتصاديا وغير ذلك ، وهذا ما يؤكد سعة الطروحات الفكرية التي يتشظى فيها البحث بمجال فلسفة تاريخ الفن .
وفي حوار خاص مع ادارة الموقع اكد الاستاذ الفاضل انه يحاول تاسيس مشورع فكري ثقافي يتمركز حول ايجاد الحلول لمجموعة من المشكلات البحثية التاريخية بربط وشائجها مع المعاصرة ومحاولة كشف نقاط الالتقاء والاختلاف في ما بين كليهما ، وقد كانت حصيلة هذا النتاج العديد من المؤلفات التي طبع اغلبها في دور نشر عربية عريقة ، ولا ننسى ان استاذنا قد وضع العديد من المناهج والمقررات الدراسية ، حرصا منه على تأكيد دور المعرفة واهميتها في الحقل الاكاديمي.
وهنا نود ان نستعرض لكم بعض كتبه التي اثارت الجدل بين اوساط الفكر العراقي والعربي على حد سواء ، كما سنضع بين ايديكم بعض ما كتبه الاستاذ في مقدمة لكتابه الموسوم ( دراسات في تاريخ الفن ): في (حوار) الحضارات الذي يشهده الفكر الانساني، قدّمَ لنا الفكر المعاصر: (ميكانزمات) جديدة، في آليات اعادة (تأثيث) دراسة تاريخ الحضارة. فبدلاً من التقسيم الأفتراضي لتاريخ الفنون، بوساطة نوع من العوارض (الكونكريتية) التي تفصل الماضي عن الحاضر وكذا المستقبل، فان (فكر) ما بعد الحداثة post Modernity الثقافي المُشرق: قد أزال الى الابد تلك الحدود الجغرافية المفتعلة، واتاح لنا فرصة ذهبية لنقدم ابداعات الحضارتين العراقية والمصرية.. للذائقية المعاصرة، بنفس الآليات التي اعاد بها الفنانان المعاصران (مارك توبي) و (هنري ميشو) إعادة قراءة الكتابة الصينية القديمة.. وأحالاها إلى منظومات شكلية معاصرة ، وكانها (إبداعٌ) جمالي يصلح لكل العصور .
ومع اننا لن (نُجبر) الابداعات الفنية من هاتين الحضارتين العظيمتين، على قول ما لا تُريدان قوله، ولن نحمّلهما ما لا يوجد فيهما. وبامقابل فاننا لن (ندفن) انفسنا في (أبنية) ابداعاتهما الفنية، لذلك فان اشكالية المنهج في دراساتنا التحليلية للنصوص الفنية، سوف تفعّل (حِراك) آليتين في عملية (تشريح) الاعمال الفنية.
أولهما (تحتفل) بالمنجزات الفنية، بتفعيل خاصية بنية العلاقة بين (الاطار الخارجي) والابداعات الفنية، وترتكز هذه (الرؤية) على إنارة النصوص من الخارج. بدراسة المرجع والوظيفة… الكامنين في بنية الابنية المعمارية والرسوم والتماثيل وغيرها. فالابداع الفني.. كما هو كائن في تركيب هذه الرسائل الفكرية: تحليل وتركيب يستند الى الوعي والقصد والارادة، تهيمن فيه ذهنية الفنان على آليات بناء الانظمة الشكلية، مستندة الى المفاهيم المتحركة في الفكر الاجتماعي. فهي بمثابة تكثيف للافكار بخطاب الفن. فمطلبنا مهتم بتقديم (تفسير) للبنيات العميقة الكامنة في جوف تلك التمظهرات الفنية.
فيما تهتم (خاصية) آليتنا الثانية في التحليل الى دراسة التاريخ.. بدلالة الفن وليس العكس.. بعيدا عن حكائية المرجع والوظيفة، وذلك بتفعيل الخطاب الجمالي لهذه المنجزات، بنوع من الرؤية، نسقط فيها مفاهيم الفكر المعاصر عليها .. وليس العكس. فجلّ اهتمامنا هنا .. ينصب على تحليل ابنية الصور كاشكال ابداعية، وتمظهراتها المتشابهة مع سمات الاشكال في الفن الحديث، وذلك (فعل) يدعونا الى (تأطير) الاشكال بوحدة كلية، بدلا من تفكيك انساقها الشكلية الذي تقرره اسيجة الحدود التاريخية وإخبارية موضوعاتها القصصية.
بمثل هذا الأقرار بالتعددية التكاملية في بنية حوارنا الثقافي، نفهم مقولات هذه الابداعات.. ونستوعبها.. ونعلن عنها، لنقيم حوارا مع الجميع.. وننفتح على الجميع.. ونخلص في النهاية الى الموقف الأستراتيجي المتحرك في فهم لروائع العراقية والمصرية.. التي ضاقت بها قاعات متاحف العالم الفارهة.