لعل اهم ما يميز النظام الشكلي علي مستوى الكتلة والفضاء في تصميم البيئات الداخلية و مدى تأثرها بمجموعة متغيرات ذاتية وموضوعية تقترن بالمستوى المعرفي وتراكم الخبرات delivery ، المصمم والذي يعد محور العملية التصميمية.
وفي نظرة متعمقة لتلك المتغيرات يمكن لنا ان نلمس مدى تأثر القرار التصميمي للمصمم في تأسيس نظام تكويني للبيئات الداخلية يؤكد قيما تقترن بذهنية المصمم وأنتماءاته الفكرية وأتجاهاته المعرفية التي تثري البيئة الداخلية بدلالات سلوكية ترتبط بذاتيته تارة ، وبالمعايير الوظيفية تارة اخرى. ولغرض الوقوف على بعض تلك المتغيرات المؤثرة في القرار التصميمي ، ينبغي لنا التعرف على :
أولا : المعايير الوظيفية :
على الرغم من حتمية التباين في أسلوبية وتقنية التصميم للبيئات الداخلية من مصمم الى آخر ، ألا ان الجميع يتشارك في الالتزام بمجموعة أعتبارات تصميمية أكاديمية في عملية التصميم ويتعامل معها كمعايير ثابتة لا يمكن تجاوزها. وكالاتي :
• تأمين سلوك حركي منتظم يقود المستخدم بطريقة أنسيابية الى الاهداف المنشودة في البيئة الداخلية. (صورة رقم 1)
• أعتماد مبدأ السلامة والامان في تصميم المفردات التكوينية للبيئة الداخلية بما يتناسب مع الية جسم الانسان وأتزانه السايكوسوماتيكي.
(صورة 1)
صورة لفضاء داخلي تمثل مجمع تسويقي (لاحظ مدى تناسق وانسيابية المسالك الحركية التي تقود المستخدم بوضوحية تامة)
• أنتقاء الخامات والالوان التي تفي بمتطلبات البيئة الداخلية. أذ ان لكل بيئة داخلية وظيفة محددة (سكنية ، ترفيهية ، تجارية ، عملية ، تعليمية ، صحية…) وان اختيار الخامة والالوان يعد فعلا وظيفيا مقترنا بالفعل الادائي لتلك البيئات. (صورة رقم 2)
( صورة 2)
بيئة ترفيهية استخدمت فيها خامات تتسم بسهولة الادامة وبألوان تبعث على الحيوية
تناسب الحجوم الفضائية مع المفردات التكوينية للبيئة الداخلية بأسلوب يمنح المستخدم قدرة تأويلية صحيحة تعدل من طبيعة سلوكه الذهني والحركي.
ثانيا : المعطيات التعبيرية :
ان للتعبير الشكلي على مستوى البيئة الداخلية بنى عميقة تتجسد من خلال اسقاط الرموز الاقترانية الكامنة في ذهنية المصمم الداخلي والمتأتية من أستلهام وأستحضار المضامين الفكرية على البيئات الداخلية ومفرداتها الشكلية. وغالبا ما ترتبط تلك المضامين بالانتماء الطمأنينة والذي يمكن تصنيفه الى :
1 — الانتماء الحضاري الثقافي الطمأنينة
2 — الانتماء الوظيفي الطمأنينة وظيفية
ويرتبط الصنف الاول بالهوية التاريخية او الطرازية المتباينة للمجتمعات من خلال تصميم الشكل الفضائي مع مفرداته التكوينية بأسلوب ذو اصول رمزية اقترانية لاحدى الحضارات ، تأريخية كانت أم معاصرة. فأن استخدام زخارف الارابسك في فضاء داخلي والتأكيد على الوان محددة كالاحمر والاصفر الذهبي والتركواز ، فعلى الرغم من توظيفها بأسلوب معاصر ، الا انها تقترن مباشرة بالتأويل لدى المتلقي بالأنتماء الحضاري الاسلامي مع الاخذ بالأعتبار ان ما أفرزته التوجهات الفكرية لمرحلة الحداثة وما بعد الحداثة بعد الحداثة في فن العمارة والتصميم الداخلي ، كالتفكيكية تفكيك الظواهر والظاهراتية وغيرها من الحركات المنتمية الى تلك الأتجاهات ، قد ساهمت في وضع معايير تصميمية أتسمت بالطرازية ، ومن ثم يمكن ان نركن الى تصنيفها ضمن الانتماء الحضاري اذا ما اعتمدت من قبل مصمم البيئات الداخلية.
فيما يرتبط الصنف الثاني (الانتماء الوظيفي) بالوظيفة الادائية للبيئة الداخلية ، اذ يمكن توظيف او تصميم اشكال فضائية او مفردات شكلية تعزز الاحساس بطبيعة الهوية الوظيفية للبيئة الداخلية تمكن المتلقي من تحديد ماهية الاداء الوظيفي لتلك الفضاءات ، سياحية كانت ام تجارية ام تعليمية… . (صورة رقم 3)
(صورة 3)
متجر لبيع المواد الغذائية الجافة (التأكيد على الوظيفة الادائية من خلال اسلوبية العرض)
التدريسي
علاء الدين الامام
جامعة بغداد / كلية الفنون الجميلة
21 تشرين أول 2008