مناقشة اطروحة الدكتوراه الموسومة (ستراتيجية هندسة أداء الممثل في العرض المسرحي العراقي) للباحث عقيل ماجد حامد محمد الملا حسن. وتشكلت لجنة المناقشة من الاستاذ الدكتور قاسم مؤنس عزيز (رئيسا)، الاستاذ المساعد الدكتور مظفر الطيب(عضوا)، ا.د. خليل الحركاني (عضوا) وبأشراف (ا.م.د.هيثم عبد الرزاق علي)
يرى الباحث ان الاداء التمثيلي يمتاز بقراءات متنامية ومتطورة نابعة من معطيات وسلوكيات وعلوم وبُنى مجاورة للعرض المسرحي، إذ يتشكل وفق مفاهيم وأنظمة ومُدخلات تتمحور ضمن أنساق معرفية ووظيفية وسمات دلالية مُركبة ومؤسسة ضمن محاور وتحولات في البنية الأدائية لتحقيق نظام هارموني نسقي في فضاء الأداء والعرض، ولطالما تمتع أداء الممثل بتداخل القوانين العلمية والطبيعية في بلورة أدائه الجسدي / الحركي، النابع من بنية ميكانيكية ـ فيزيائية وهندسية أي: الاتكاء على أُسس معرفية واجتماعية وعلمية في تأطير نظامه الحركي بسلسلة من العمليات والتصورات المُدركة من قبل الممثل في تنظيم فضائه الأدائي عبر ثنائية المكان والزمان وملء الفراغات ضمن علاقات وإجراءات تتوافق وتنسجم مع الفرضية الهندسية القائمة على استثمار وتأسيس وتشكيل زمكانية الفعل والفضاء بالنسبة لحركة الممثل المسرحي .
وعليه أرتكز الباحث ضمن محاور بحثه على تقسيمه الى عدة فصول تمثل الفصل الأول: (الإطار المنهجي) في أولاً : مشكلة البحث، وفيها سؤال البحث : ( ماهي ستراتيجية هندسة أداء الممثل في العرض المسرحي العراقي، وكيف يمكن للممثل أن يؤسس خطابه الادائي ضمن أدواته الجسدية والصوتية ) وثانياً : أهمية البحث : المُتمثل برصد المنجز الأدائي للممثل المسرحي عن طريق المفاهيم العلمية والفلسفية للهندسة والفراغ عبر إمكانيات الزمان والمكان لرسم حضور الممثل وجسده، فضلاً عن ذلك يمكن الإفادة منه في الحقل المسرحي من ممثلين ومخرجين بوصفها دراسة متخصصة في أداء الممثل المسرحي وحضوره الهندسي، وجاء ثالثاً : هدف البحث : الذي يهدف تعرف على ستراتيجية هندسة أداء الممثل في العرض المسرحي العراقي، أما حدود البحث : فقد تمثلت في ثلاثة حدود، الحد الزماني: (2006/ 2013 )، والحد المكاني: وهي عينة البحث في مسارح (بغداد، الموصل)، وثالثاً: الحد الموضوعي، المُتمثل بدراسة ستراتيجية هندسة أداء الممثل في العرض المسرحي العراقي، في حين تطرق الباحث ضمن محاور الفصل الأول: الى تحديد المصطلحات وتعريفها إجرائياً، إذ برزت المصطلحات (ستراتيجية، هندسة) ومن ثم تعريفها إجرائياً، وقدم الباحث تعريفه الإجرائي المُتمثل، هندسة الأداء على أنها: (ستراتيجية مُدركة لآليات الممثل الجسدية والحركية في إطار المكان والزمان، عبر مد جسور العلاقات لإنتاج فضاء معماري هندسي لفرضية أداءه وحضوره داخل نظام العرض المسرحي) .
وجاء الفصل الثاني: (الإطار النظري) على ثلاثة مباحث : تمثل المبحث الأول: (مفهوم الهندسة والفراغ المسرحي)، إذ قدم المبحث قراءات علمية وفلسفية لمجموعة من العلماء والفلاسفة الذي بحثوا مفاهيم الهندسة ونظامها وعلاقاتها بالفراغ، أما المبحث الثاني: (لغة الجسد سلوك هندسي في الفضاء الاجتماعي)، وفيه دراسة وافية حول علاقة لغة الجسد بالنظام الاجتماعي بوصفه بنية جذرية للجسد الإنساني وما يشكله الفضاء الاجتماعي من تأثير للغة الجسد، فضلاً عن تقسيم المبحث الى ثلاثة محاور:
المحور الأول : (الجسد جذر الهندسة)، إذ تطرق الباحث لدراسة الأسس الفنية والرياضية والعلمية للجسد وما يمثله من جذر فيزيائي وحركي للفضاء الهندسي، أما المحور الثاني : (الجسد الرمز ) الذي جاء فيه أن الرمز صفة متلازمة للجسد، وأنه حامل للنظام الرمزي (اللفظي واللالفظي) بوصفه بنية أساسية في تكوينه الهندسي، أما المحور الثالث: (الجسد السيسو ـ اثنولوجي) وهو الجسد الاجتماعي والثقافي الذي يؤطر أداء الممثل بنظام هندسي قائم على مسقط الرأس وجذره المعرفي ضمن محاور العادات والتقاليد والأنساق الثقافية، فضلاً عن دراسة أثنين من المفكرين الذي قدموا طروحاتهم وأفكارهم بذات الموضوع وهم : (ميشيل فوكو) ونظامه الاركيولوجي وخطابه المُتمثل بالذات والسلطة والجسد والتاريخ، و (ليفي شتراوس) وفضائه التاريخي والأسطوري الذي جسّده ضمن محاوره البنيوية والعقل البشري ومفهومه للعِرق والأجناس، وهذه الطروحات شكّلت نظامها الهندسي الاجتماعي وأطرت الممثل المسرحي بنسق أدائي قائم على الإدراك والقصدية لوظيفة الجسد الهندسي. في حين تمثل المبحث الثالث: (أداء الممثل هندسة قصدية لرسم ستراتيجية الحدث الدرامي) وفيه قراءة لطروحات وأفكار ورؤى المخرجين الذين أعطوا للممثل وظيفة أساسية ومهمة في عروضهم المسرحية لما يُمثله من قدرة وطاقة جسدية هندسية في فضاء العرض، وأختتم الباحث المبحث بالمؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري والدراسات السابقة، إذ بعد البحث والتقصي لمجمل الرسائل والأطاريح الذي قام بها الباحث حول موضوعة بحثه، لم يجد الباحث أياً منها تقترب من موضوعه ودراسته حول (ستراتيجية هندسة أداء الممثل في العرض المسرحي العراقي).
وجاء الفصل الثالث (الإجرائي) تحليلاً لعينة البحث التي أختارها الباحث بصورة قصدية من مجتمع البحث ضمن سنواته وحدوده، والمُتمثلة بسبع عروض وهي: (فئران ومطابع، لاءات امرأة، تحت الصفر، بروفة في جهنم، جليد، صرخة انتيكونا، هذيانات معطف)، التي قدمت الممثل هندسياً في فضاء العرض.
أما الفصل الرابع :(النتائج ومناقشتها) فقد ظهرت مجموعة من النتائج التي خرج بها الباحث من تحليله للعينة المختارة نذكر منها:
1. اعتمدت هندسة أداء الممثل في العروض المسرحية، على ستراتيجية المكان والزمان والفضاء، عن طريق بناء وتركيب القوانين العلمية والطبيعية التي تحققت في الاعتماد على التناغم والانسجام بين المادة وحركة الممثل في الفضاء، والتنسيق الموحد القائم على الكتل والخطوط والأشكال الموزعة ضمن تشكيلات جسدية وحركية قائمة على الإيقاع المُنظم والمتوازن في منظومة العرض المسرحي.
2. ارتكز الأداء الجسدي للممثل في عروض عينة البحث على بناء المنظومة الهندسية المُركبة وفق نُظم وقوانين فيزيائية ـ ميكانيكية، اعتمدت تحقيق القوانين وتوظيف العلاقات لطبيعة الحركة النسبية وفعلها الامتدادي في فضاء العرض .
3. تحول النظام الاجتماعي في جميع العروض، إلى سلوك لهندسة الجسد وحركته في الفضاء، إذ ارتكز الممثل على الثقافة الاجتماعية الشمولية واكتسب الخبرات في الأفعال والأنساق والعادات والتقاليد، مما رسمت بنيته المعرفية وبرزت مسقط رأسه.
أما الاستنتاجات التي خرج بها الباحث من بحثه نذكر منها :
1. ان رسم الممثل لأدائه الهندسي ضمن ستراتيجية مُدركة تعمل على بناء علاقات متداخلة مرتكزاً على أسس علمية وطبيعية لمد جسور التواصل مع المكان والزمان والفضاء، فضلاً عن تركيب وتحليل مُدركاته وتصوراته في الاعتماد على خصائص التوافق والانسجام والتوازن في حركاته وتعبيراته المُنظمة ضمن منظومة العرض المسرحي .
2. الافعال الجسدية للممثل تتجلى بوصفها أفعال ميكانيكية ـ فيزيائية في الفضاء عن طريق حركة الممثل، واعتماد آلية الجسد البلاستيكية على إنتاج مراكز للطاقة الأدائية ضمن الأفعال والسلوكيات المُنظمة لبناء فضاء معماري هندسي قائم على تداخل الخطاب الجسدي وتحقيق قيمة الرمز التي أفرزت حضوراً مُكثفاً وفاعلاً في نظام الجسد الهندسي.
3. تتمثل المنظومة الهندسية لجسد الممثل عبر تداخل الإدراكات الحسية والتصورات العقلية في خلق نظام معرفي ووظيفي لحركة الممثل في الفضاء ورسم صورة الجسد التعبيري عن طريق التحكم والسيطرة لبنية الأفعال وتشكيل الدلالات الهندسية .
وتضمن الفصل أيضاً التوصيات والمقترحات وقائمة المصادر والمراجع مختتماً البحث بقائمة الملاحق التي خصها لجدول العروض المسرحية والصور المسرحية الخاصة بعينة البحث، فضلاً عن الملخص باللغة الانكليزية.