تستخدم الجامعات في مختلف الدول المتقدمة من العالم ومنذ أكثر من أربعة عقود تقنيات تربوية حديثة تزخر بها مكتباتها ومراكز التعلم وأوعية الاتصال، تعمل على الربط بإحكام مابين المناهج وطرائق التدريس في العلوم والفنون، لكن هذه العملية تفتقر لها جامعاتنا.. إذ كما هو معروف تلتحم المناهج مع طرائق التدريس بوشائج ونسيج متماسك؛ سداه مفردات المناهج ولحمته التطبيقات العملية المتمثلة في طرائق التدريس والتدريب.

وتقنية الاتصال والدمج مابين المناهج والطرائق يمكن الإصطلاح عليه بالعلم الرابط وعليه يُعد هذا العلم منهج وطريقة متكاملة .

أخضع هذا النسيج الرابط للبحث والتجريب فأثبت فائدته وجدواه في كلية الفنون الجميلة –جامعة بغداد، ومن أمثلته كنماذج : التعليم المبرمج – والتعليم المصغر – والحقائب التعلمية /التعليمية – والنمذجة – والوحدات النمطية- والبرامجيات التي تعتمد التعلم الذاتي الذي يخرج الطلبة عن الطرائق الإعتيادية في إكتساب المعلومات أو المهارات الفنية. كون العطاء في الفنون هو عطاء فردي؛ والموهبة هي ذاتية شخصية. كما أن هذه التقنيات واجهت حاجاتهم رغم تعدد فروقهم الفردية, عن طريق وسائلها ومصادرها المتنوعة في التعلم وصعدّت من إنجازاتهم وتحصيلهم الدراسي، وأختزلت من جهدهم وأوقاتهم، وحررتهم من الضوابط والإلتزامات التدريسية والإدارية الصارمة .

الأمر الذي جعل الضرورة بإستخدامها من الأمور الملحة ليواكب بلدنا التطور والتغير المتسارع في ميداني المناهج وطرائق التدريس. بعد أن إنتشرت الأوعية التكنولوجية في الإتصالات، كمراكز مصادر التعلم، والبريد الألكتروني، والانترنيت، والتعلم عن بُعد. ولكي لا تظل جامعاتنا متخلفة عن الركب الحضاري وهي المنار والعقل المفكر والمدبر للدولة من النواحي الإقتصادية والإجتماعية والتربوية والفنية. وقد إستعرض الباحث أهم النماذج التي أخضعت للتجريب والتطبيق بواسطة دراسات ميدانية للحصول على درجات علمية في الماجستير والدكتوراه في كلية الفنون الجميلة – جامعة بغداد.                           

أولاً : تمهيد:

قبل خمسة عقود من الزمن كان يُقاس تقدم الشعوب بما تستهلكه من الصابون ومساحيق التنظيف، ثم أصبح مقياس التقدم بما تصرفه الدولة من محروقات، وبعد ذلك أصبحت الطاقة الكهربائية هي المؤشر للتقدم، ثم الطاقة الذرية التي توظف لخدمة الإنتاج والسلام والصحة ورفاهية الإنسان، وهكذا… إلى أن أخذ المقياس أو المؤشر للتقدم يتغير بتغير الأحوال والظروف، حتى أضحى الأمر اليوم بما تمتلكه أية دولة من علماء وفي مختلف الإختصاصات والميادين، وركّز الباحثون على الميادين التطبيقية من صناعة وهندسة وزراعة وطب..وأتجه الغالبية العظمى من الباحثين من الذين ضموا الفنون الجميلة لكل الميادين السابقة.. إذ لابد من إستكمال السعادة والرفاهية وإضفاء البهجة من خلال الجمال. لذا برز الفن في إنتاج المعدات الثقيلة وحتى عُلب التعليب وحفظ الأدوية ناهيك عن لوازم وأدوات ومنتجات الاستهلاك اليومي وأدوات التزيين والتجميل. والبحث فيما يراه غير الفنانين من أسباب للرقي والتقدم، فيرى الاقتصاديون (مثلاً) “أن لا تطور أو تقدم إقتصادي بدون تكنولوجيا متقدمة “. كما يبرز التربويون دور التدريس الفعّال والناجح في تقدم الشعوب وتطورها. وهكذا نجد لكل منهم وجهة نظر. ولابد للباحث من رأي في هذا الصدد إذ الظاهر أن المصدر الحقيقي لا يكمن في إمتلاك زمام الاقتصاد أو في المخترعات والأجهزة الحديثة دائماً بل في إمتلاك قاعدة بشرية مثقفة على قدرٍ عالٍ من الكفاءة والوعي التربوي  والفني.

إن التقدم الذي نراه اليوم يحيط بنا، لذا  فمن غير المناسب أن يكون موقفنا أمام هذا السيل الجارف موقف المتفرج أو المنفعل المتكاسل، مالم نلتفت إلى واقعنا، ونُجدد ما يمكن تجديده ونعيد النظر بإستمرار في مناهجنا وأساليبنا في التدريس والتدريب وعلى مختلف المراحل الدراسية الأساسية والجامعية. بإعتبار المناهج والطرائق هي المحرك الرئيس للتربية والفن.

لقد ظهرت في العالم المصغرات التكنولوجية، والإلكترونية الدقيقة، وأستُبدِلَت طرائق التدريس بالأساليب التقليدية وهي المحاضرة – والمناقشة، والتعلم بالملاحظة المحسوسة، والتعلم بالعمل، والتعلم عن طريق لعب الأدوار، والتعلم بإسلوب حل المشكلات إلى طرائق أخرى أكثر حداثة ومنها النمذجة وتعليم الفريق، وأنظمة البروتوكول، والتعليم المصغر ثم التعلم الذاتي عندما إنتشرت الحقائب التعلمية، والأقراص الممغنطة بالليزر، وتحول العالم من المطبوعات الورقية إلى الشفافيات والبرامجيات وإستخدام الحاسوب بكفاءة وفعّالية عالية.

وأجرى الباحثون تجارباً وبحوثاً عديدة على التقنيات الحديثة كما أسموها بالنماذج الوسيطة أو الأنظمة التعلمية، أو البرامج الفعّالة، أو الكورسات المكثفة وحتى ذهب بعضهم إلى تسميتها بالعلم الرابط (   (LINKING SCIENCE كونها تربط بقوة وموضوعية مابين المنهج كمحتوى والطريقة كأسلوب لتوصيل المعلومات. وزاوجت مابين نتائج نظريات التعلم والتعليم إلى تطبيقاتها التربوية.

وفيما يلي ملخصاً لما خرج به علماء النفس التربوي من آراء في ميداني الربط بين النظرية والتطبيق وانعكاساتها على المنهج والطريقة. ثم تشخيص هذه التقنيات وأمثلة تطبيقية منها في ميدان الفنون الجميلة.

ففي أواخر القرن الماضي أكد العلماء-أمثال (كثري) على التعلم بالعمل. وركز (كارول) على الإستعداد وإتقان التعلم. أما(ميرل) فأكد على التحكم الذاتي وعلى الإنجاز النهائي في التحصيل المعرفي أو الفني. أما(أوزبل) فجاء بفكرة التنظيم المعرفي الذي يجري في مرحلة التخطيط للتعلم. وركّز(برونر) على تعليم المفاهيم. وخرج (لاندا) بالنمذجة، كما دلل على إن حُب المتعلم للمادة الدراسية هي أفضل دافع للتعلم. وجاء(كولنزوستيفنز) بالمنهج والطريقة الإستقصائية. وركز(بلوم) على الأهداف السلوكية التعلمية والتعليمية. اما(جاكسون) و(ميزيك) فجاءا بفكرة الغرابة وجعلاها المعيار الوحيد للإبداع. وأهتم(كانيه) بتعدد أنماط التعلم أو التعلم المتسلسل. وجعلت (روزي) التغذية الراجعة هي الأهم بين جميع عناصر التعلم. أما(كانيه وبرجز) فجاءا بالنماذج التي تربط بين المعرفة و المهارة. ووضع(جيرلاك وايلي) انموذج المنحى النظامي الذي يبدأ بالأهداف وينتهي بإكتساب المهارة. وأكد (ديك وكاري) على مرجعية الأداء في تطوير المساق التعليمي. وأوضح (فيرنون) البرامج التي تعتمد على تحليل النظم. أما(كمب) فقد أكد على إستراتيجية التعليم. وأقترحت (كلير) نظام التعلم الذاتي المعتمد على نظرية التعزيز. وظهر لـ(ودمان وآخرون) التعلم التعاوني أو تعليم الأقران هو الوسيلة المُثلى لتوفير التعليم الأفضل. كما ورأى (ألن) و(ريان) أن التعليم المصغر هو خير منفذ للتعليم والتدريب.(7)

وهكذا وبعد إستعراض هذه التقنيات لا يتمكن الباحث من تفضيل إحداها على الأخرى، ولكن لنأخذ أشهرها والتي في ضوئها وظفت مواد في الفنون الجميلة للبحث والتطبيق. علماً بأنها جميعاً تعتمد على إستراتيجية متشابهة وهي:

التعليم المبرمج – التعليم المصغر – الحقائب التعليمية / التعلمية – النمذجة – الوحدات النمطية – البرامجيات. وأتضح للذين إستخدموا هذه التقنيات بأنها تُكسبهم معلومات وإتجاهات ومهارات علمية وفنية وفق الموضوعات المُقررة في المناهج الدراسية. وهي فضلاً عن ذلك غير مكلفة مادياً ولاتلتزم بضوابط محددة أو مواعيد مقننة. والتعلم عن طريقها لا يتحدد بمكان أو زمان.  

ثانياً : أهمية البحث

تتضح أهمية العلم الرابط وما يتضمنه من تقنيات تربوية تربط مابين المناهج وطرائق التدريس يمكن تلخيصها بالآتي:

1.تقلل الأعباء التدريسية على أعضاء هيئة التدريس، ويُلقى العبء الأكبر على كاهل الطالب في تعليم نفسه، ويأخذ الطالب برنامجاً كاملاً لموضوع مُقرر أو عدة موضوعات تجمع مابين المنهج والطريقة بإعتبارها كُلاً واحداً .

2. يستفيد التدريسيين من غير الكفوءين من الذين يقومون بتلقين أو إملاء محاضراتهم من المقرر الدراسي على طلبتهم، وحتى التدريسي متوسط الكفاءة الذي يُفسر بإقتضاب ما يُمليه على طلبته، أو يُقدم توضيحات مبهمة، وأمثلة شخصية غير مترابطة من التقنيات التربوية. فالعلم الرابط يجمع معلومات وأمثلة مقننة من تدريسيين من ذوي الكفاءة العالية والخبرة الممتازة، لتضُم عناصر وأمثلة ذات محاور وأهداف واضحة متسلسلة ومبرمجة تساعد الطلبة على التفكير والإستنتاج والإبداع.

3. تُتيح هذه التقنيات الفرصة للمُبدعين والموهوبين من الطلبة لإبراز إمكانياتهم، وقدراتهم المهارية وإظهارها في لوحاتهم وأعمالهم الفنية. وتُحقق التنافس الفني والعلمي- الموضوعي بين الطلبة، كما وتشجعهم على روح المثابرة والمبادرة .

4. تَستخدم هذه التقنيات، الوسائل والأساليب التعليمية المتطورة في التعلم والتعليم، وتَستفيد من الشبكات العالمية للإتصالات، وبذلك تُصَعّد من التفاعل وتأخذ من بنوك المعلومات والمكتبات المتخصصة وأوعية الإتصال الأخرى في العالم.

5. يتمكن التدريسي من الإستفادة من هذا البحث لما يَطرحه من تقنيات في إختصاص الفنون الجميلة من إشتقاق برامج أخرى على غرارها ويستفيد من الأسس والأفكار التي وردت ضمن هذا البحث.

6. سيحرص الطلبة على إقتناء التقنيات التربوية الرابطة إذا ما وجدوا فيها فوائد ملموسة في تعلم المهارات الفنية، وظهرَ لهم أنها تَختزل جُهدهم وأوقاتهم وتؤدي بهم خطواتها الواضحة المُبرمجة والمُتسلسلة إلى إتقان المهارة بيسر وسهولة، أفضل مما إعتادوا عليه وألفوه من طرائق تقليدية روتينية وفي مختلف المراحل الدراسية التي مروا بها.

ثالثاً : أهداف البحث

ألف التدريسيون الجامعيون أسلوب المحاضرة وهو أسلوب تقليدي شائع بينهم ، يلتزمون به في طرح ما يرومون نقله إلى طلبتهم. وقد يتصف هذا الأسلوب بالرتابة والجفاف، مما يؤدي بالطلبة إلى الشرود الذهني، وقلة إستيعاب الأفكار والمفاهيم التي تُطرح عليهم، كما انه أسلوب ضعيف في تعليم المهارات. وهذا الأسلوب يطلق عليه في اللغة الانكليزية الـ(Telling ) (الإخبار) وهو يبتعد كثيراً عن المفهوم الذي يشترط أن يكون بـ(التدريس) الـ(Teaching ) والذي يتضمن تعليم الخبرات والمعلومات الأساسية مع ربط الأفكار والنظريات بالمفاهيم والتطبيقات العملية. ويكون أساس التدريس الإقناع والإدراك والفهم.

والتعلم الجيد هو المبني بالنتيجة على الفهم الذي يصبح جزءاً من شخصية الطالب.

أسس الباحث أهداف البحث الحالي انطلاقاً من المُسلمات(البديهيات) الآتية:

  1. لا يتعلم الطالب عن طريق حاسة واحدة فقط، بل تشترك في ذلك حواسه كافة.
  2. يزداد تحصيل الطالب إذا كانت هناك دوافع وحوافز مُقنعة لدى الطالب.
  3. يتصاعد إدراك الطالب وفهمه لما يُطرح عليه من معلومات أو مهارات إذا كانت لديه خلفية عما يُريد أن يتعلمه، على إعتبار أن الفن موهبة ذاتية.
  4. يتعلم الطالب المهارة الفنية إذا كانت أهداف المهارة واضحة لديه.
  5. تزداد إنتاجية وتحصيل الطالب إذا تعلم المهارة الفنية عن طريق سلسلة أداءآت وخطوات هادفة مرتبطة بعضها ببعض.
  6. يسعى الطالب إلى مستوى من إتقان المهارة الفنية إذا ما شاركه أستاذه وزملاءه في طرح ملاحظاتهم ومقترحاتهم عن ما يقوم به من عمل فني.

ويمكن تلخيص أهداف البحث بما يلي:

  1. التعريف بنماذج من التقنيات التربوية الحديثة المعتمدة على نظريات العلم الرابط ما بين المناهج وطرائق التدريس في إختصاصات من ميدان الفنون الجميلة. والتي تعتمد على التعلم الذاتي(الإنفرادي). على إعتبار أن الفن ينطلق أساساً من موهبة ذاتية، وله خصوصية في الخيال والرؤى الإبداعية.
  2. التعريف بنماذج تطبيقية إنتهجت البحث العلمي، وأعتمدت موضوعات من المناهج والمُقررات الدراسية على طلبة الفنون الجميلة – جامعة بغداد. وهي: التعليم المبرمج – التعليم المصغر- الحقائب التعلمية – النمذجة – الوحدات التعليمية – نُظُم التعلم الشخصي.
  3. عرض بعض أوعية العلم الرابط في الإتصال التربوي والتعليمي المباشرة، كمراكز مصادر التعلم والمختبرات والورش والمراسم والمسارح…والتعلم عن بعد.

رابعاً:نتائج البحث

الهدفان: الأول والثاني

سيناقش الباحث في الصفحات الآتية أهم التقنيات الرابطة وفق الأهداف التي وضعت للبحث، وسيتم جمع ما بين الهدف الأول وهو التعريف بنماذج من هذه التقنيات وتطبيقاتها التربوية في موضوعات من مناهج ومقررات كلية الفنون الجميلة – جامعة بغداد، وهو ما نص عليه الهدف الثاني من البحث، وذلك للعلاقة الموضوعية المترابطة مابين الهدفين(نظرية وتطبيقية).

1.التعليم المُبرمج

ينسجم التعليم المبرمج مع التعلم الذاتي – الإنفرادي. إذ هو يُزوّد الطلبة بالمعلومات والمهارات، ويُساعدهم على تعليم أنفسهم بأنفسهم وفق قدراتهم واستعداداتهم العقلية الخاصة. وهو يتجاوز الأساليب الإعتيادية ومشكلاتها في التدريس، ويُحَبذ إستخدامه في كليات الفنون ومعاهدها إذ تُعد الفنون من المواهب الذاتية الفذّة التي يتميز بها فرد عن آخر. والتعليم المبرمج يجعل الطالب إيجابياً في إكتساب المادة العلمية أو الفنية، وهو يزوده بتغذية راجعة فورية. فضلاً عن انه يعفي التدريسيين من كثير من مهامهم مثل إجراء الإختبارات والتقويم والاهتمام بكل طالب على حدة. كما أن التدريسي قد يكون غير ملماً بما يكفي ليقدم لطلبته ما يُشبع رغبتهم من معارف ومهارات.

يُقدم التعليم المُبرمج للطلبة المعلومات بشكل خطوات صغيرة، وأجوبة جاهزة ويسير بالمتعلم حسب سرعته وقدراته الخاصة. ويَظهر التعليم المُبرمج بشكلين: (خَطي) و(مُتشَعب). وكلا البرنامجين يستندان إلى النظرية السلوكية الشرطية الإجرائية في علم النفس التربوي للعالم          (سكنر). ويمكن أن يوضع أي برنامج في صورة كتاب أو على قُرص مُمَغنط يُعرض بواسطة الحاسوب.

هذا وقد أجريت ” دراسة استخدمت التعليم المُبَرمج مُقارنةً مع الطريقة الإعتيادية في تدريس وحدة المربع في مادة المنظور لطلبة الصف الثاني في قسم التربية الفنية _ كلية الفنون الجميلة _ جامعة بغداد ” (2). لغرض التعرف على إمكانية إستخدامها وجدواها في التدريس، فظهر للباحث أن التعليم المُبرمج قد وفْرَ حوالي (40%) من الوقت اللازم لتدريس وحدة المربع مقارنة بالأسلوب الإعتيادي. وان الطلبة إستقبلوا الطريقة الحديثة بصورة إيجابية؛ وتفاعلوا معها بصورة جيدة، وتمكنوا من التعرف على أخطائهم وتصويبها بأنفسهم مما ساعد على إستبقاء وتذكّر المعلومات لفترة طويلة .

أوصى الباحث بتدريس مادة المنظور، والمواد الفنية الأخرى بواسطة التعليم المبرمج.

2. التعليم المصغر:

من التقنيات التربوية الحديثة، وهو يُستخدَم لتدريب المعلمين والمدرسين قبل وأثناء الخدمة، على طرائق التدريس. ويتم فيه إختزال المتغيرات والتعقيدات التي تَحدُث عادةً في قاعة المحاضرات الإعتيادية كأعداد الطلبة، ووقت المحاضرة، والطرائق التي قد لا تُراعي الفروق الفردية مابين المتعلمين في الصف الواحد أو المجموعة الواحدة، مع الإلتزام بالضوابط الإدارية والتربوية. وفي تقنية التعليم المصغر ينخفض عدد الطلبة، ووقت التدريس الذي لا يتجاوز العشرة دقائق، ويؤكد المتدرب على مهارة تعليمية واحدة؛ تحدد أهدافها السلوكية التعليمية بدقة، وفق خطة مدروسة معدة مسبقاً. وتُقدَم تغذية راجعة للمتدرب حين الإنتهاء من محاضرتهِ مباشرةً من لدُن خبير في تقنيات وطرائق التدريس، ومن لدُن زملائه وفق إستمارة خاصة، ويتمكن المُتدرب من تقويم درسه بعد مشاهدته لفيلم الفيديو أو القرص الممغنط. وبإمكانه تعديل محاضرتهِ بإعادة عرضها مُجدداً حتى إتقانه المهارة. وهكذا تستمر دورة التعليم المصغر. وهذا يعد ممارسة حقيقية في موقف تعليمي مُخطط له مُسبقاً ويمكن إجراؤه على درجة عالية من الضبط والإتقان. ويمكن إختيار أي موضوع فني نظري أو تطبيقي وإخضاعه للتدريب. إذ يُعد التعليم المصغر حلقة وصل مابين تطبيق نتائج نظريات التعلم والتعليم، ونتائج الدراسات في تقنيات وطرائق التدريس والتدريب الجامعي.

أخضع أحد طلبة الماجستير هذا الأسلوب للبحث العلمي ببحث تحت عنوان: ” تدريب طلبة قسم التربية الفنية على مهارات التدريس والتدريب بإستخدام إسلوب التعليم المصغر”(8). وللمهارات:

  أ_ مهارة تنويع الحافز  ب_مهارة صياغة وتوجيه الأسئلة ج_مهارة التعزيز الإيجابي .       سَجّل الباحث بالفيديو ثلاثة دروس نموذجية لموضوعات فنية وِظفَتْ فيها المهارات الثلاثة السابقة. وقام كل طالب في المجموعة التجريبية بالتخطيط لدرس مُصغر وتقديمه أمام زملائه.

      أما العينة الضابطة فقد استخدمت الأسلوب الإعتيادي في التدريس مع تزويدها بدليل وضِحَتْ فيها المهارات صدد البحث. وتم حساب درجات المجموعتين في الإختبار البعدي، وعولِجَت إحصائياً. فظهرَ تفوق المجموعة التجريبية التي إستخدمت إسلوب التعليم المصغر على المجموعة الضابطة في مستوى أداء مهارة تنويع الحافز. وتعادلت المجموعتان في مستوى أداء المهارتين الأخريين. وأوصى الباحث بإنشاء مختبر متخصص لنظام التعليم المصغر في كلية الفنون لأغراض التدريب على ممارسة التعليم، والإحتفاظ بأرشيف للدروس العملية للأساتذة الأكفاء لغرض إستفادة الطلبة منها للتدريب والبحث العلمي.

 

3.الحقائب التعلمية –التعليمية :  

جاءت الحقائب التعليمية بهدف مسايرة الإنفجار المعرفي، ولغرض الإستفادة من التقدم التكنولوجي في إيصال المعرفة لكل فرد عن طريق التعلم الذاتي؛ على إعتبار أنها موضوع يُمثل المنهج وطريقة في التدريس أو التدريب. وبما أن الفنون الجميلة – كما ذُكِرَ سابقاً – هي عملية إنفرادية إبداعية فأن الحقيبة تكون أفضل الوسائل لذلك، هذا فضلاً عن إنها تتماشى مع قدرات الطلبة واهتماماتهم وميولهم واتجاهاتهم وسرعتهم في إكتساب المعلومات وتُلبي حاجاتهم الفعلية. كل ذلك يجعلها أفضل من التعلم الجماعي الذي لا تستطيع المحاضرات تحقيقها أو تلبيتها.

والحقيبة التعلمية تضم مواداً منهجية مقررة ومواد تعليمية سمعية / مرئية من شفافيات وسلايدات وأشرطة وخرائط وصور ورسوم تخطيطية وأقراص ممغنطة وكراسات ومواد ونشاطات ومطويات تحتوي على إرشادات وتوجيهات للمتعلم لغرض إتباعها وتوظيفها والتفاعل معها وفق سرعته كما تضم وسائل لتقويم أداء المتعلم / الطالب أولاً بأول. ولو تفحصنا أية حقيبة نجدها تحتوي على :

العنوان (موضوع الحقيبة) – ودليل عن كيفية إستخدامها – والأهداف التعليمية في المجالات المعرفية والمهارية والوجدانية – والإختبارات المحكية الذاتية – والنشاطات الإثرائية – التي تُعمق من مقدرة المتعلم ومهاراته. ” وقد أجريت دراسة ماجستير عن الحقيبة التعلمية وظّفَ الطالب فيها موضوع الملصق التعليمي وطرحها بين أيدي مجموعة تجريبية من طلبة الصف الرابع – قسم التربية الفنية – كلية الفنون الجميلة_جامعة بغداد “(1) .

وقارن تحصيل هذه المجموعة مع مجموعة ضابطة من المستوى نفسه أخذت الموضوع ودرسته بالطريقة الاعتيادية فظهر لهُ من حصيلة نتائج الإختبار البعدي تفوق طلبة الحقيبة التعليمية على أقرانهم، كما أن هؤلاء الطلبة إحتفظوا بالمعلومات وتذكروها بصورة أفضل، كما أشعرتهم بالمسؤولية والإعتماد على أنفسهم، وأثارت نشاطهم ودافعيتهم بسبب تنوع مصادر المعرفة عن طريق البدائل المطروحة من عرض المادة العلمية- الفنية وشوقتهم لها. وكان للإختبارات الذاتية والتعزيز خلال التعلم آثاره الإيجابية. كما ساعدت الحقيبة على الإرتقاء بالمستوى المهاري والعلمي والفني بشأن تصميم الملصق التعليمي. ومن هذا استنتج الباحث جدوى الحقيبة وفائدتها وإمكانية إستخدامها في مواد فنية أخرى مثل التصميم والتزيين والديكور والمكياج والرسم، والخط والزخرفة، والتذوق الموسيقي، وعناصر الفن، وتأريخ الفن وغيرها.

4.النَمذجة :

للنمذجة مُسميات عديدة منها التعلم بالمحاكاة والتقليد، والتعلم بالملاحظة، والتعلم المتبادل، والتعلم الجمعي أو الإجتماعي. وتعتمد النمذجة على تقديم المنبهات التعليمية خطوةً بعد أخرى لغرض إنجاز هدف معين كون السلوك التعلمي هو سلوك مُكتسب. والتعلم كافٍ لتطوير هذا السلوك والذي يُمكِن أن يُكتَسب أو يُقَدّم عن طريق نموذج حسي (حي) أو لفظي أو رمزي. وقد حددَ المُربي (باندورا) الذي بحث طويلاً في النمذجة العمليات الإجرائية للتعلم بالنمذجة وهي :

1. الإنتباه والإكتساب  2. عمليات الإستبقاء  3.الأداء الحركي   4. الدافعية لتبني النموذج

5. تعزيز السلوك الإيجابي المنتج .

“هذا وطُبِقَتْ النمذجة كمنهج وطريقة على قسم التربية الفنية في موضوع التخطيط المقرر على طلبة الصفوف الأولى بغية التعرف على أثرها في إكتساب مهارات التخطيط لغرض إخراج لوحة فنية “. (4) مع تعلم إستجابات جديدة يقتضيها تعلم فعّال يؤدي بالتالي إلى الإبداع الفني، أو لغرض تطوير السلوك أو تعديله أو الإضافة عليه.

صَمَمَ طالب الماجستير كُراساً تعليمياً إحتوى على فكرة الموضوع، ومواءمة موقع التخطيط مع مساحة الورقة، وعلاقة نسبة الوحدات مع بعضها مع ضبط المسافات بينها، ومعالجة سقوط الضوء على الأشكال وانعكاساته وبيان علاقات اللون الواحد (التونات) وتحديد مستوى ونقطة النظر الرئيسة في اللوحة، وإظهار ملمس وحدات الموضوع؛ وتوضيح إنسيابيتها، وأخيراً تجسيد الجو العام لموضوع الطبيعة الصامتة الذي إختاره الباحث، ثم سَلّطَ عليها ضوءاً ساطعاً أبرز الأشكال بوضوح .

       هذا وشرح الباحث خصائص الأشكال في التكوين بهيئتها وملمسها وألوانها في تشكيل الطبيعة الصامتة بإتقان وعفوية وإنسيابية. وقَيّم أخيراً مابين نتاجات المجموعتين التجريبية التي دَرَستْ بالنمذجة والمجموعة الضابطة التي دَرَستْ بالأسلوب الاعتيادي فظهر له تفوق المجموعة الأولى على الثانية. مما جعله أن يوصي بإستخدام النمذجة في هذا الموضوع وغيره من الموضوعات المناظرة على طلبة التربية الفنية للصفوف كافة.

5. الوحدات التعليمية النمطية :   

       الوحدات التعليمية النمطية هي من التقنيات التربوية الحديثة التي تربط بين المنهج والطريقة. وتمتاز هذه الوحدات عن الطرائق التقليدية المعروفة بأنها أكثر مرونة وفاعلية، وهي تجعل الطالب محوراً للعملية التعلمية _ التعليمية وتُلقي العبء الأكبر في التعلم على كاهل الطالب نفسه، وتُحمِلُهُ مسؤولية ذلك. كما أنها تواجه حاجاته الفعلية وتشده للتعلم، وتشوقه، لإستخدامها بدائل ومصادر وأساليب تعلم متنوعة وأنشطة تُحفزهُ على التفاعل مع عناصر الموقف التعليمي. وضمن أهداف سلوكية محددة، وتُقدِم للطالب أساليب متعددة لتقويم أدائه وتحصيله. وتسير بالمتعلم خطوةً بعد أخرى، كما إنها توفر له الوقت والجهد .

وتتألف أية وحدة من المكونات الآتية :

عنوان الوحدة وموضوعها – المقدمة – مسار تعلم محتوى الوحدة – أهدافها – الإختبار القبلي – محتوى الوحدة ( معززاً بالرسوم والصور التوضيحية) – الأنشطة المصاحبة – إختبارات ذاتية – الإختبار البعدي – مصادر الوحدة – مفتاح إجابات الإختبارات. (10)

((أجريت دراسة لنيل درجة دكتوراه في كلية الفنون الجميلة – جامعة بغداد عن وحدات تعلمية ثلاث في موضوعات – التخطيط والألوان – تناول الباحث فيها :

  1.أسس التخطيط   2.تخطيط الصور الشخصية النصفية  3. تخطيط المناظر الطبيعية )).(3)

وأظهرت نتائج البحث تفوق الطلبة الذين إستخدموا الوحدات الثلاث على أقرانهم من الذين إستخدموا الأساليب المعروفة في تدريس الموضوعات صدد البحث .

وأوصى الباحث إمكانية الإستفادة من الوحدات النمطية التعلمية كمنهج وطريقة وذلك لما تتمتع به الوحدات المصممة جيداً من فاعلية، وما تتركه من أثر في نفوس الطلبة مع تشويقهم وتغيير إتجاهاتهم نحو الأفضل للفنون وفتح آفاق جديدة أمامهم في الإبداع والإبتكار وتسريع عملية التعلم وتفعيله والخروج به من دوامة الروتين في إكتساب المعلومات والمهارات بالطرائق الإعتيادية التقليدية المألوفة.

6. النُظُم التعليمية والبرامج في التعلم الشخصي :

هناك ثلاث برامج أو نظم شائعة بين الباحثين هي نظام ( (Gange . ونظام (Keller ) ، ونظام (Kemp ). تعتمد النُظُم الثلاثة على ربط المنهج بالطريقة، فهي منهج وطريقة تدريس في آن واحد. وتُقَسم بموجب هذه النظم المواد التعليمية إلى خطوات متسلسلة منطقياً، كما تؤكد على التعلم الإبداعي الفعّال .

وتُقَدِم التغذية الراجعة الفورية التي تُعزِز التعلم الصحيح. ويعتمد المتعلم على الأدلة والإرشادات المطبوعة. وهناك إختبارات   وإمتحانات ذاتية.(9)                                                                                                            

أُجريَتْ دراسة ماجستير في كلية الفنون الجميلة – جامعة بغداد عن برنامج تعليمي لتصميم مُلصقات إرشادية لحماية البيئة من مخاطر التلوث. (5) إذ صَمَمَتْ الباحثة هذا البرنامج وفق نظام (كِمب ) بالخطوات والعناصر التي تألف منها وهي :

تحديد الموضوعات أو المهارات مع بلورة الهدف العام لكل منها – توصيف دقيق لخصائص الطلبة وخلفياتهم – تحديد الأهداف التعليمية السلوكية التي سيتوصل لها الطلبة – إختيار محتوى الموضوعات أو المهارات – إجراء الاختبار الأولي – إختيار طرائق التدريس المناسبة – إختيار المصادر والأنشطة التعليمية اللازمة – إجراء التقويم مع التغذية الراجعة المُلائمة.

حددَتْ الباحثة موضوعات التلوث وهي:  تلوث الهواء – تلوث الماء – تلوث الغذاء – تلوث التربة. وصممت لكل موضوع برنامجاً آخذة بنظر الإعتبار عناصر وأُسس التصميم، والعلاقات الجمالية، وركزت على أهداف كل برنامج ضمن الوحدة الخاصة به لإخراج الملصق الإرشادي المطلوب في بنائه فنياً من فكرة وموضوع مع هيئة وشكل وسيادة وحجم وإيقاع وألوان، مع الأثر المطلوب من الملصق كاستجابة من المُتلقي، مع دور الملصق الوظيفي والجمالي في جذب إنتباه المشاهد؛ وفق مضمون الرسالة الإرشادية للملصق، إن كان عن الهواء أو الماء أو الغذاء أو التربة. وجمعت الباحثة في برامجها مابين الفن والإرشاد الصحي وأسس النظام الذي اتبعته والتزاوج الموضوعي مابين المنهج وطريقة التدريس في تصميم وإخراج الملصق الإرشادي بفترة تدريب إستغرقت خمسة أسابيع قام بها طلبة المجموعة التجريبية التي خضعت للبحث كعينة. خرجت الباحثة بعد التطبيق بفاعلية وتأثير كبير لبرنامجها في إنتاج تصميمات لملصقات إرشادية جيدة، وأوصت بضرورة تبني المؤسسات التعليمية التربوية والصحية والثقافية ذات العلاقة لمشروع البرامجيات في إنتاج ملصقات لحماية البيئة من مخاطر التلوث بأنواعه، وبخاصة في العراق لما مر به من ظروف ساعدت على التلوث بأنواعه.

خامساً : أوعية العلم الرابط

الهدف الثالث :

نص الهدف الثالث على إستعراض بعض أوعية العلم الرابط في الإتصال التربوي والتعليمي المباشر والتعليم عن بُعد. وهي:

  1. مراكز مصادر التعلم :

تؤسس هذه المراكز ضمن الجامعات والكليات والمعاهد. وتكون عادةً مُجهزة بالمواد والمعدات والأجهزة (Hardware ) مع البرامجيات المطبوعة على الشفافيات (Software )، مع المراجع العلمية والفنية والثقافية العامة التي تدخل وترتبط مع شبكات الإتصال المرتبطة بدورها بالأقمار الفضائية، والبريد الالكتروني (E-mail ).

ويقوم بالإشراف على هذه المراكز متخصصون علميون وفنيون وتربويون يساعدون الطلبة والمستفيدين الذين يقصدون هذه المراكز لإرشادهم أو الإشراف عليهم أو تدريبهم ويكون هؤلاء من الأكاديميين المتفرغين وغير المتفرغين. ولهذه المراكز دور كبير في مساعدة الطلبة على إستيعاب المواد والمُقررات الدراسية أو لغرض إستكمال مشاريعهم الفنية أو بحوثهم. وتُسَهل هذه المراكز على الطلبة الحصول على معلومات إضافية، وفرصاً للتفاعل والتشاور مع المتخصصين والخبراء، والحصول على المصادر الحديثة وممارسة الأنشطة الإثرائية. والإرتقاء بمستوى أعضاء هيئات التدريس المعرفية والتربوية والتقنية كطرائق التدريس الحديثة والبرامجيات. وتُقَدِم لهم فُرصاً وحرية في البحث والتجريب. وحينما يؤسس مركز في الجامعة تؤسس مراكز أخرى أصغر منه في الكليات والمعاهد يُساعد بعضها بعضاً بالأجهزة والمعلومات والبرامجيات ويمكن أن تتوافر في هذه المراكز موضوعات دراسية مقررة ولكل المواد العلمية أو الفنية. وتُحفَظ فيها برامج التعليم المبرمج ، ودروس في التعليم المصغر، وتِضُم كذلك مجموعة من الحقائب التعلمية / التعليمية في الفنون والوحدات التعليمية لموضوعات متنوعة.

  1. المكتبات والمختبرات والورش والمراسم :

تُستَخدم المكتبات والمختبرات والورش والمراسم المفتوحة كعوامل مساعدة في التدريس والتدريب على المهارات التقنية والفنية. وهي تُزود بالوسائل التعليمية والالكترونية الحديثة، وتتوافر فيها خطوط إتصال ثنائية الإتجاه (Two – Way Communication ) وهذا الأسلوب يسعى إلى إيجاد علاقة إنسجام وتفاعل بين الطالب والمشرف. ويتوافر فيها المؤثرات المرئية والمسموعة الأخرى وتوجد مختبرات متطورة (Audio -Video Active Lab; ). وتوظَفْ هذه المختبرات لأغراض تسجيل دروس في التعليم المصغر وعرض البرامجيات على الأقراص الممغنطة.

  1. التعلم بالإتصال عن بُعد:

 بواسطة هذا التعلم تنقل للطالب المعرفة والمهارة، وتُغنيه عن حضور قاعة الدرس وهو نظام تعليمي لايخضع إلى إشراف مباشر ومتتابع من لَدُن التدريسي. وهو يُحرر الطالب من قيود الزمان والمكان والإلتزامات الأخرى. ويُكسِب الطالب الخبرات والمهارات وفق إمكاناته ورغباته وحاجاته وقدراته العقلية بأختياره المقرر الدراسي بنفسه؛ وبما ينسجم مع إختصاصه الفني الدقيق، عن طريق الإتصالات (Communications ) التي تُستَخدَم في التعلم الذاتي بعد أن توج بإبتكار الأقراص الممغنطة والتي تُستَخدَم في الحاسبات الشخصية الآلية (Personal Computers ) والتي يمكن ربطها بشبكة الانترنيت (Internet ). الأمر الذي جعل المعلومات والأفكار والمهارات لاتُقاس بالساعات بل بأجزاء قليلة من الثانية. وأصبح لايُمكن ضمها في كتاب واحد أو قياسها بمنهج أو مقرر دراسي واحد أو بساعات محددة كما درجت عليه الصفوف الدراسية في المعاهد والكليات.

إذ يتم تبادل المعلومات والأخبار والإعلانات والبحوث في الإقتصاد والإجتماع والسياسة والتعليم والفنون بين عدد هائل من المُرسلين (Senders ) إلى عدد لانهائي من المستقبلين (Receivers ) في شتى أنحاء العالم. ويتم ذلك عن طريق البريد الالكتروني (E-mail ) إذ تُرسَل وتُستقبَل الرسائل والمُخاطبات، ومُلخصات البحوث، وموضوعات علمية وفنية وثقافية عامة. وتُرسَل هذه المخاطبات لحظة بلحظة بمجرد كتابتها وإعطاء الأمر بإرسالها على جهاز الحاسوب. وهي لا تُكلف شيئاً بل هي أرخص من ثمن المكالمة الهاتفية المحلية. كما أن المخاطبات والبحوث يمكن إحاطتها بالسرية والشخصية.

 أما شبكة العنكبوت العالمية (الانترنيت ) www. (World Wide Web) : وهي عبارة عن مجموعة من أجهزة الكومبيوتر المتصلة بشبكة الانترنيت. وهي تعرض معلومات منوعة تبعاً لعقود (بروتوكول). وهذا البروتوكول هو ما يميزها عن سواها من الأجهزة الأخرى المتصلة بالانترنيت. وتستخدم لغة خاصة وهي لغة الربط (Link ) والتي تقود القارئ بالصوت والصورة وفق طلبه. وتمتاز هذه الشبكة عن سواها بالسهولة في إدخال المعلومات إليها أو الحصول منها على المعلومات المطلوبة. وسهولة الدخول أو الخروج منها. والتجول من خلالها إلى أماكن لا حصر لها من على الشبكة الأم الانترنيت.(6)

 

سادساً: الإستنتاجات والتوصيات

  1. ظهر من خلال نتائج البحوث التطبيقية التي أُجريت على موضوعات منهجية ومقررات دراسية في كلية الفنون الجميلة على تقنيات العلم الرابط أنها ذات                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                     جدوى وفائدة. وخرجت البحوث كافة بنتائج إيجابية لصالح هذه التقنيات. لذا يوصي الباحث بالإستعانة بها كونها تُمثل العنصر التربوي الفعّال الذي يربط بقوة مابين المناهج وطرائق التدريس والتدريب. وهي كذلك تُقلل الأعباء على التدريسيين، وتَلغي مشكلات إعداد الكتب المقررة والمساعدة، وتضفي حيوية على التدريس وتكسر الروتين والضوابط المعتادة التقليدية المألوفة كأساليب مثل: منهج المواد المنفصلة وطرائق التدريس الرتيبة والمملة كالمحاضرة بالإملاء .
  2. يواجه العالم الثالث نقصاً حاداً في التدريسيين الجامعيين من ذوي الكفاءات العالية. كما تظهر بوضوح الشحة في الأجهزة والأدوات والمعدات واللوازم الدراسية الحديثة، في قاعة المحاضرات والمختبرات والورش والمراسم الأمر الذي يستدعي وبإلحاح الإستعانة بالتقنيات التربوية الرابطة، كالحقائب التعلمية – التعليمية، والبرامجيات، والنماذج، والوحدات التعليمية النمطية، والدروس التدريبية وفق أسلوب التعليم  المصغر. إذ تُعد محتويات هذه التقنيات كمناهج وأساليب يتم تقديمها للطلبة كطرائق تدريسية وتدريبية مُعتَمِدة على نُظُم ونظريات التربية وعلم النفس التربوي. وهي تحوي متطلبات الموضوع ولوازمه الضرورية مع وسائل إستخدامها وعرضها .
  3. لاحظ الباحث من خلال هذا البحث الأساسي المسحي لبعض التقنيات الرابطة والأمثلة التي أخضعت موضوعات من مناهج الفنون الجميلة ومقرراتها الدراسية، إن إستراتيجيات هذه التقنيات متشابهة الى حد كبير في أسسها ومنطلقاتها النظرية الفكرية. إذ إعتمدت على منهج تحليل النُظُم في تحقيقها للأهداف التعليمية – السلوكية مع تعزيز إستجابات المتعلم الفورية وإغناء تعلمه بأنشطة إثرائية. وهي تعتمد على التعلم الذاتي – الانفرادي الذي لا يتحدد بزمان أو مكان، وهي تُمكْن المتعلم من الإعادة لحين إكتسابه المعلومات والمهارات حتى إتقانها وهي لاتكلف المتعلم شيئاً بل تُقلص جهده ووقته، كما تُقلل من التكلفة. لذا يوصي الباحث بإستخدامها والإستعانة بها في المواد النظرية والتطبيقية وبخاصة في موضوعات الفنون الجميلة التي تتسم بالذاتية والانفرادية كما هو شأن التفرد بالإبداع والإبتكار. كما ويتمكن التدريسيين من إنتاج برامج مشابهة لموضوعاتهم التخصصية بالإستفادة مما طُرِحَ في البحث الحالي.
  4. تُستَخدَم في الوقت الحاضر وفي جامعات العالم أنظمة الإتصالات في ميدان التربية والتعليم، وعلى نطاق واسع لذا يُحبَذْ تفعيل الجامعات العراقية لشبكة الانترنيت والإرتباط معها في ميدان المواد والمقررات الدراسية العلمية والفنية والرياضية(علميات ) و(إنسانيات ) وغيرها ليستفيد منها التدريسيين والطلبة والباحثين مع تبادل البرامجيات والأفكار والمعلومات والمهارات والمُخترَعات مع الجامعات العالمية. كما يحصل حالياً في بعض كليات ومراكز بحوث جامعة بغداد. بصفة رسمية وبصفات شخصية يقوم بها الطلبة والباحثين . 

Comments are disabled.