تمت في يوم الاثنين الموافق5-9-2016 مناقشة اطروحة الدكتوراه الموسومة (تشكيل نحت الحداثة وما بعدها قراءة تفكيكية من النص إلى مؤولاته) للباحث (أباذر عماد محمد صادق البغدادي) قسم الفنون التشكيلية / نحت، اشراف (أ.م.د. نجم عبد حيدر)، ويرى الباحث ان
توصف الحداثة وما بعدها بأنّها حركة تمرد تسارعت مع تطورات الفهم لماهية الجمال والفن والإبداع إلى أن وصلت في أوجها مع نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين ،لكن جذورها مهمة وفاعلة في هذه التحولات وتتابعات في الفهم والانتماء وبناء النصوص وتلقيها وتحليلها .وهذه الحركة التشكيلية التي استطاعت مع أواخر تقدماتها أن تذيب الخصوصيات الأولى في بناء الأساليب (رسماً ـ نحتاً – خزفاً…… الخ) ، تأثرت وتفاعلت وأخذت وقدمت لأفكارٍ ذات مهاد فلسفي محسوبة على منطقة النقد وأهمها (التفكيكية) التي أثارت جدلا واسعا ،وأسست خطابها الخاص من حيث رؤيتها الى النص التشكيلي والى اشتغالات التأويل فيه حتى إذا وصلت إلى مرحلة تُعّد فيها التفكيكية مركزا من أهم مراكز الخطابات النقدية لتشكيل الحداثة وما بعدها .
إن البحث في التفكيكية عندما تتفاعل مع فن التشكيل يحال إلى دراسة تحليلية أكاديمية تستدعي من التفكيكية الرؤى ومن التشكيل تطبيقات هذه الرؤى واكتشافاتها النصية معها ،ومن ثم قراءات لا تستغني عنها الدراسات البحثية الأكاديمية …لهذا اختار الباحث موضوعة (تشكيل نحت الحداثة وما بعدها –قراءة تفكيكية من النص إلى مؤولاته) لتكون كاشفاً عن حركة التفكيك في النص التشكيلي بزمن تخطى المائة عام على الرغم من أن هذا البحث ينتمي الى رؤية (فرانسسوا ليوتار) التي تَّعد بداية ما بعد الحداثة مع ثمانينيات القرن الماضي ،وعليه كانت فصول البحث كما يأتي :-
شمل (الفصل الاول )- منهجية البحث والمتمثل بمشكلة البحث وأهميته والحاجة اليه وهدف البحث وحدودهُ ومن ثم تحديد المصطلحات المستخدمة في البحث وتعريفها .
أما (الفصل الثاني) – قد جاء مُمَثِلا للإطار النظري بمباحثه الثلاث ليأتي الأول معرفا عن (متحولات نحت الحداثة وما بعدها – من مرجعياته الى تقويض هويته) .أما الثاني فقد عني بطرح (المؤسسات والمنطلقات التفكيكية ).ليأتي المبحث الثالث مخصصا لبيان دور (التفكيكية في قراءتها للنصوص الفنية الجمالية) .ليختتم بعد ذلك بأهم المؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري.
أما (الفصل الثالث)- قد جاء مُمَثِلا لإجراءات البحث وهي مجتمع البحث وعينته وأداته ومن ثم تحليل العينات على وفق ما وصل إليه الإطار النظري من مؤشرات.
ويُختَتم البحث بـ (الفصل الرابع )- الذي اشتمل على نتائج البحث واستنتاجاته. ومن خلال ما أسفرت عنه الدراسة التحليلية خلص الباحث إلى مجموعة من النتائج وتتمثل أهمها بالاتي:
1. القراءة التفكيكية إشاعة لللا واقعي اللا متوقع فضلا عن تقديمها البديل اللا منتمي على وفق محاولات تجتهد في تحطيم التقليد الكلاسيكي لتصل الى النقيض من العلامة وإقصاء مدلوليتها على وفق الترميز الاصطلاحي للشكل ،لتقطع الصلة بألاشكال المادية الطبيعية المباشرة محررة النص من ماديته صوب التغييب المفعم بالتخيل التشكيلي وصوفية ايجابية للوصول الى التركيب الداخلي بهدف خلق تكوين مستقل بذاته.
2. القراءة التفكيكية قراءة مؤولة توفر خيالا يرفض تكشفات المعنى وتثبتها. بالاعتماد على ممارسة مفهوم التشتيت باقصاءه الحضور الايقوني ومبدأ الأصل والأبوية أو الرجوع الى أي مدلول سابق في الوجود الذي يضعف من قدرة النص في التشكل ،فالتفكيكية ترفض التمثل للواقعي فضلا عن الاحتواء الدلالي.
3. القراءة التفكيكية مغادرة للأطر التقليدية باستثمار اعتمد الاكتشافات الصناعية الحديثة والتوجه نحو الآلة وهجر أدوات التشكيل التقليدية. ليصبح النص النحتي المعاصر منجزا يعتمد التحولات التكنولوجية لإنتاج نصوصا جمالية تبتعد عن اللمسة الذاتية، ليتساقط تضمين سيكولوجيا الفنان في العمل اعتمادا على الحركة وتنوعها وتباينها. أي ان النص التشكيلي النحتي أصبح معززا ومحفز للحواس السمعية والبصرية بتحقيقه لحظة لا تلبث إلا أن تعلن الاختلاف والإرجاء وتحليل الأثر.
4. تعد القراءة التفكيكية إنتفاءاً للتجنيس النصي النحتي بتقويضه وإحالته إلى حوارية تدعو إلى انفتاح العرض النصي على المجاور من الأنساق المعرفية في الأداء والتقنية ،بإحالة تهدم وتفكك وتقوض السابق بقراءة تلتزم الازدراء للنظام التشكيلي الايقوني ـليصبح النص فضاءاً للتأويل بتملصه من التحديد وحيد المعنى.
لتأتي بعد ذلك الاستنتاجات التي عدّها الباحث بمثابة المرتكزات التنفيذية التي اعتمدتها القراءة التفكيكية . وقد خُتم الفصل الرابع بالمصادر والمراجع.