شهدت كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد مناقشة اطروحة الدكتوراه الموسومة (الإنزياح المفاهيمي في أنساق التكوينات الخطية) المقدمة من قبل طالب الدكتوراه (علي عبد الحسين محسن الشديدي) .
ويرى الباحث ان التطّور الذي شهده فن الخط العربي على مدى قرون عديدة، كان نتيجة جهود الخطاطين الحثيثة التي تصبوا نحو الابداع والتكامل، مما أثمر أعمالاً غنية بالأفكار والقيم الجمالية والمفاهيم التي القت بظلالها على مجمل النتاج الخطي، مشكلة إنزياحاً يضم ثلاثية الوظيفة، الجمال، التعبير لدى الخطاط، فإن اللجوء الى الانزياح تعد محاولة لقراءة أعمق للنسق الخطي من خلال تدعيمه بمفاهيم فكرية والتعاطي مع الوحدات البنائية على وفق نظام التوزيع الأمثل.
وتناول الباحث في المبحث الاول من الاطارالنظري مفهوم الإنزياح وكيف انعكس على فن الخط العربي، ومعايير تشكل الإنزياح، وجاء المبحث الثاني ليوضح أثر الإنزياح على ذات الخطاط والموضوع والنسق والمفهوم، أما المبحث الثالث فقد تصدى لبيان مرتكزات الإنزياح التي يستند عليها الخطاط في بناء النسق الخطي غير التقليدي متمثلة بالنص والفكرة التصميمية وخاصية التحوير.

خلص الباحث من خلال التحليل الى عدد من النتائج من أهمها، يعد الإنزياح وسيلة لاستنطاق النص واستنهاض حمولته الدلالية وإعادة تشكيله على وفق مرتكزات ومفاهيم محددة وهو بذلك يسمح بتعدد القراءات ويلبي هدف التطور المنشود في الفنون البصرية، وكذلك فقد منح الإنزياح مفهوماً وتطبيقاً الخطاط إمكانية توظيف أكثر من مفهوم في بناء الأنساق، لإنتاج تكوينات خطية ابداعية تتسم بالحداثة والمغايرة، وإن الإنزياح أنتج تغايراً نوعياً ومظهرياً ضمن أحد المفاهيم الواردة في البحث وتعزيزه بخاصية التحوير المستندة الى فكرة تصميمية ومعالجة إخراجية جديدة، بغية إيجاد إنزياح على مستوى النسق الخطي بإضافة تعكس مدى فاعليته، وكشفت الأنساق الخطية عن طموح ورغبة الخطاط في التأسيس لإتجاه فني يتخذ من قواعد الخط العربي نقطة انطلاق نحو تكوينات حداثوية، دون إفقادها هويتها وسماتها العامة، كونها تشكل جزءاً من إرثه الديني والثقافي والاجتماعي، كما أسهمت التطورات التي مرّ بها فن الخط العربي في تبلور مفهوم الإنزياح وما يحمله من قدرة إبلاغية تعكس المماثلة البصرية، بالتقدم خطوة بهذا الفن على صعيد ذات الخطاط وخبرته من جهة، والنسق الخطي من جهة أخرى.
وأوصت الدراسة المهتمين بإنتاج أنساق خطية قائمة على الإنزياح، والسعي لتوظيف مفاهيم أخرى ترفد الحركة الفنية تجريباً وممارسةً لتحقيق التواصل مع متطلبات التطور، وختم الفصل الرابع بمقترحين يصلحان أن يكونا دراسات لاحقة هما (الإنزياحات الأسلوبية لفن الخط العربي في المدرستين البغدادية والعثمانية) و(الإنزياح البلاغي في التكوينات الإبتكارية للخط الكوفي).

Comments are disabled.