مناقشة اطروحة الدكتوراه  الموسومة ( صور الإستعارة في أداء الممثل المسرحي العراقي) للباحث (حيدر عطا الله عبد علي) من قسم الفنون المسرحية وبأشراف(مصطفى تركي السالم)     
في ضوء التنظريات المعرفية التي منحتها الاستعارة و التي جعلتها تمتد إلى جميع مرافق الحياة , فهي لم تعد مقتصرة على الأدب فحسب , بل صارت أداة التصور , التي يعتمدها الفكر , ووسيلته الكاشفة عن خبايا الأشياء .
     والباحث بعد إطلاعه على مختلف التنظيرات , ومشاهدته للعديد من عروض المسرح العراقي , وتركيزه على أداء الممثل فيها , بوصفه – أي الباحث – ممثلاً وباحثاً مختصاً في شأن التمثيل , وجد أن الممثل المسرحي العراقي يفرز أدائياً الكثير من الصور الإستعارية , التي تختلف على نحو نسبي في جمالها وبنائها , بيد أن عدداً منها يكتنفه غموض غير مبرر , لا يركن إلى عمق معرفي أو جمالي , يؤثر بشكل أو بآخر في العدد المنضبط منها , فينعكس بالسلب على الإتصال الفعال الذي يرنو إليه الممثل عبر أدائه , ومن هذا المنطلق تبنى دراسة موضوع : (صور الإستعارة في أداء الممثل المسرحي العراقي) . 
     لقد إشتملت الدراسة على أربعة فصول , ضمَّ الفصل الأول منها (الإطار المنهجي) مشكلة البحث والحاجة إليه , والتي تلخَّصت بالسؤال الآتي : ( ما الصور التي تتجلى عبرها الإستعارة , وهل يمكن للممثل المسرحي العراقي أن يستثمرها في بناء أداء فعال ذي سمات جمالية دالة ؟) , وأهميَّة البحث التي إنبثقت عن أهمية الإستعارة في تزيين شكل الأداء ودعمه مضمونياً , عبر دورها البارز في إحداث الإقناع , الذي هو غاية الممثل , بينما أتى هدف البحث متجلياً في : (التعرف على صور الإستعـــارة في أداء الممثــل المســرحي العراقي) , وإقتصرت حدود البحث على خشبة المسرح الوطني في بغداد – مكانياً , من (2012 _ 2016) زمانياً , بينما أتى الحد الموضوعي مشتملاً على دراســـة العروض المسرحية العراقية , من حيث فاعلية صور الإستعارة في بنيتها الأدائية التمثيلية , واختتم الباحث الفصل , بتحديد وتعريف المصطلحات الآتية : (صــور , الإستـعــــارة , الأداء) .
      ضمَّ الفصل الثاني : (الإطار النظري والدراسات السابقة) ثلاثة مباحث ، درس في المبحث الأول : الإستعارة مفاهيمياً , مستعرضاً أبرز التنظيرات المتصدية لها , في حين درس في المبحث الثاني : صور الإستعارة – ماهيتها وتطبيقاتها في أداء الممثل المسرحي , وأتى هذا المبحث في تأسيسه مبنياً على المبحث الأول , فقد إفترض الباحث فيه مجموعة من الصور , شرح مفاهيمها وبين كيفية إنضوائها تحت لواء الإستعارة , ثم عمد في تطبيقها على الجسد والصوت , أما المبحث الثالث فقد أتى معنوناً بـــــ : متبنيات أداء الممثل المسرحي لصور الإستعارة – (مسحة تاريخية مختارة) , وإستعرض فيه مراحل تاريخية مهمة ومتباينة مر بها أداء الممثل , وإعتماد هذا المبحث أتى لتوكيـــد صحة إفتـــراض الباحــث الذي أطلقــــه في المبـحـث الثاني , ومن ثم جــاءت الــدراســات السـابـقــة ومناقشتهـــا , ليخلـص الباحــث بعــد ذلك إلى تحديد المؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري .
   أما الفصل الثالث (الإجراءات)، فقد حدد الباحث فيه مجتمع البحث بــــ (50) عرضاً مسرحياً , بعد دراسة إستطلاعية قام بها , ثم إختار عينة بحثه بطريقة عشوائية منتظمة , وبنسبة (10 %) وهي كالآتي :
1. مسرحية : مطر صيف – إخراج كاظم النصار / 2012
2. مسرحية : Camp)) – إخراج مهند هادي / 2013
3. مسرحية : فوبيا – إخراج أحمد حسن موسى / 2014
4. مسرحية : بقعة زيت – إخراج عبد الرحمن التميمي / 2015
5. مسرحية : خيانة – إخراج جبار جودي / 2016 
     إعتمد في تحليلها وحدات خاصة للتحليل إستلها من مؤشرات الإطار النظري , وحدد أربع أدوات للبحث , كما حدد طرائق البحث , وإعتمد في ذلك المنهج الوصفي , وإنتهى الفصل بتحديد خلاصة نتائج العينة .
     أما الفصل الرابع فقد إشتمل على مناقشة نتائج البحث والإستنتاجات والتوصيــات والمقترحـــات ، ويُثبِت الباحث عدداً من الإستنتاجات التي توصل إليها :
1. الصور الإستعارية التي يأتي بها الممثل لا تقع جميعها تحت سيطرته , وهذه مفارقة كبيرة , والسبب يأتي نتيجة الشراكة الجوهرية بين خشبة العرض والصالة , فالمتلقي ينتج صوراً لعل الممثل – في جانب كبير منها – لم يقصدها , بيد أن الممثل يفترض أن يعمد لبناء ميكانيزماته على وفق هدف محدد , يتمثل بتنظيم الفكر الذي يطرحه العرض , وهكذا يأتي تعدد الصور الإستعارية في إطار التكامل الجمالي , بين ما ينتجه الممثل وما يستقبله المتلقي .
2. العلاقــة الرابطـــة بين الصـــراع وعدد الصــــور الإستعارية المقدمة – من حيث المواضيع التي تحملها – ذات طبيعة طردية , فكلما أتت الحبكة ممتلئة – سلسلة الأحداث التي تتبناها الشخصيات متعددة – ماثلها الحضور الصوري الإستعاري .
   


Comments are disabled.